اسم الکتاب : منهج التربية الإسلامية المؤلف : قطب، محمد الجزء : 1 صفحة : 184
عن طريقه أنشأ الله هذه الأمة التي يقول فيها سبحانه: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ} [1].
وبه منّ الله على تلك الأمة: {لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ} [2].
وهذه القدوة باقية ما بقيت السموات والأرض.
إن شخصية الرسول صلى الله عليه وسلم ليست آية عصر ولا جيل ولا أمة ولا مذهب ولا بيئة. إنها آية كونية.. للناس كافة وللأجيال كافة: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ} [3]. {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا} [4].
فهو للعالمين كلهم. وللناس كافة. في جميع الأزمان من لدن مبعثه. وفي جميع الأجيال. وفي كل الأرض. آية باقية لا تذهب ولا تنقص ولا تزول.
وإنه لحي اليوم في هذه اللحظة كما كان حيًّا في شبه الجزيرة قبل ألف وثلاثمائة عام. لم ينقص شيء ولم يتغير شيء. كما لا تتغير الشمس ولا تتغير سنن الكون ولا تفنى الطاقات.
وإن سيرته حين تقرأ لتلمس النفس وتهزها من قواعدها كما لا يهزها شيء. وتتغلغل فيها إلى الأعماق.
وطبيعي أن الذين شهدوه صلى الله عليه وسلم وأخذوا الحياة مباشرة عن شخصه الكريم، قد أخذوا الشحنة كاملة في أرواحهم وقلوبهم وأفكارهم ومشاعرهم وأجسادهم، فانطلقوا -وهم حفنة قليلة- يصنعون أعجب أحداث التاريخ، كما تنطلق الطاقة الذرية المركزة تحدث الأعاجيب.
ولكن القوة الحيوية العجيبة التي كان يشتمل عليها الرسول صلى الله عليه وسلم، من الضخامة والعظمة وقوة الإشعاع والإيحاء بحيث يملك استحياءها [1] سورة آل عمران 110. [2] سورة آل عمران 164. [3] سورة الأنبياء 107. [4] سورة سبأ 28.
اسم الکتاب : منهج التربية الإسلامية المؤلف : قطب، محمد الجزء : 1 صفحة : 184