responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : منهج التربية الإسلامية المؤلف : قطب، محمد    الجزء : 1  صفحة : 164
وأي شيء في حياة الإنسان غير عسير؟! {لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي كَبَدٍ} [1] {يَا أَيُّهَا الْإِنْسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحًا فَمُلاقِيهِ} [2]. والكدح في كل شيء وفي كل خطوة وفي كل حركة. والكدح في المشاعر والتفكير. إنما يفترق كدح عن كدح، في أن أحدهما مهتد ومبصر وواصل، فيعوض كدحه في الحياة الدنيا بذلك الشعور الواصل، وفي الآخرة بحسن الثواب.
والآخر ضالٌّ منحرف مقطوع.. يغرق في لذائذ الحس.. ثم يفيق على الضياع!
والإسلام يوفق بقدر ما في طاقة البشر بين النزعتين الأصيلتين المتناقضتين في الظاهر.
إنه بادئ ذي بدء لا يعتبر إحداهما أصيلة وغيرها دخيل. ولا يعتبر أن تغذية إحداهما تعني بالضرورة الإساءة إلى الأخرى أو إسقاطها من الحساب.
والإسلام دين الفطرة، وهذه فطرة الإنسان: فرد داخل في المجموع.
أصيل الفردية، أصيل في الميل للمجموع. وهو دائم التقلب بين نزعتيه المتناقضتين، كما يتقلب في نومه من جنب إلى جنب ليستريح! ولكنه في كل لحظة شامل لجانبيه معًا على اختلاف في النسبة والمقدار.
والإسلام يعالج كلتا النزعتين فيغذيهما معًا، ويجعلهما متساندتين بدلًا من أن تكونا متنازعتين!
إنه يحتاج إليهما معًا؛ لأن الفطرة لا تستقيم بإحداهما دون الأخرى. ولذلك لا يكبت أيًّا منهما, ولا يزيلها من الوجود. إن كان في استطاعة أحد أن يزيلها من الوجود!
الإنسان الذي لا شخصية له في ذاته ولا وجود، لا ينشئ إلا مجتمعًا مستضعفًا خانعًا يصلح لأن يحكمه "فرد" متسلط دكتاتور! ثم يتهاوى حين يذهب ذلك الدكتاتور!
والإنسان الذي تبرز شخصيته -بانحراف- إلى حد الأنانية المرذولة أو الطغيان، لا يستطيع أن يعيش في وفاق مع الجماعة.. ولا بد أن يتشتت المجتمع ويئول إلى البوار.

[1] سورة البلد 4.
[2] سورة الانشقاق 6.
اسم الکتاب : منهج التربية الإسلامية المؤلف : قطب، محمد    الجزء : 1  صفحة : 164
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست