responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : منهج التربية الإسلامية المؤلف : قطب، محمد    الجزء : 1  صفحة : 141
وكما صنع الإسلام في الخطين الأولين، كذلك يصنع في هذين الخطين، فيحكم أولًا رباط الوترين المتجاورين، ثم يوقع على كل منهما النغمة التي ينبغي أن تصدر عنه بلا تراخ ولا توتر شديد.
إن الإنسان يحب نفسه. كذلك ركب في فطرته: {وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ} [1]. يحب أن يستمتع بكل لون من ألوان الملذات الحسية والمعنوية. يجب أن يكون بارزًا ظاهرًا قويًّا متمكنًا ذا سلطان. يحب أن يقهر ويتغلب, يحب أن يستحوذ على كثير. يحب أن يعمر وأن يخلد. يحب أن يكون نقطة ارتكاز الكون!
وإنه ليكره ... يكره كل ما يقف في سبيل هذه الشهوات. يكره العوائق المادية أو المعنوية التي تقفه دون تحقيق رغباته. يكره الناس حين يحس أنهم يشاركونه فيما يحب أن يستحوذ عليه وحده. يكره كل أذى يقع عليه وكل اعتداء.
تلك نغمات تصدر عن وتري الحب والكره في النفس البشرية. بعضها صالح وكثير منها نشاز!
والإسلام لا يحارب الفطرة ولكنه يهذبها. إنه يريد للناس أن يحبوا وأن يكرهوا. لأن هذه فطرتهم. ولكن الحب على إطلاقه والكره على إطلاقه يدمران النفس ويبددان طاقتها، ويوزعانها، ويستعبدانها فلا تملك الخلاص! وحين ينقلب الحب والكره إلى شهوة لا ضابط لها فإنها لا تصطدم بالآخرين فحسب، بل يتصادم بعضها ببعض داخل النفس وتؤدي إلى البوار.
من أجل ذلك يضع الإسلام "ضوابط" لشهوة الحب والكره. ضوابط تتصل بالروح، وضوابط تتصل بالعقل. وجميعها يتصل بالله.
ولا يكره الإسلام للناس أن يحبوا أنفسهم! فحب النفس كما قلنا من قبل دافع فطري قوي، وهو من أكبر الحوافز على العمل والتعمير والإنتاج، وكلها أهداف يحفل بها الإسلام ويعمل على تنشيطها بكل سبيل.
ولكنه لا يفهم حب النفس على أنه الانجراف وراء الشهوات! بل على العكس يعتبر ذلك ظلمًا للنفس. وإنه لكذلك في الحقيقة. فالذي يطلق

[1] سورة العاديات 8.
اسم الکتاب : منهج التربية الإسلامية المؤلف : قطب، محمد    الجزء : 1  صفحة : 141
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست