اسم الکتاب : منهج التربية الإسلامية المؤلف : قطب، محمد الجزء : 1 صفحة : 142
لنفسه العنان في كل ما توسوس به يظلمها ويوردها موارد الهلاك[1]. إنه يفهم حب النفس على أنه النصيحة لها والتوجيه الصالح. التوجيه الذي تتحقق به سعادتها في الدنيا والآخرة. وفي الآخرة على وجه التخصيص. فهي الدار الباقية. نعيمها خالد وعذابها مقيم. بينما الحياة الدنيا {لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلادِ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَكُونُ حُطَامًا} [2]. فأية حماقة في أن يبيع الإنسان الدار الباقية ونعيمها الخالد، بنعيم زائل لا يمتع المتعة الكاملة حتى في هذه الدنيا، فهو دائمًا مشوب، وأقل الشوب أنه صائر إلى الفناء؟!
كلا! ما هكذا ينبغي أن يكون حب النفس! إنما الحب الحقيقي أن يصون الإنسان نفسه من مذلة العبودية في الأرض للشهوة, ومذلة الخزي والعذاب يوم الجزاء.
ولكي يصل الإسلام إلى ذلك فإنه يوقع على وتر الحب أنغامًا جميلة شفيفة رائقة تنتهي في النهاية إلى أن يحب الإنسان نفسه في وضعها الصحيح! يوقع أولًا نغمة الحب لله ... وإنها لتوقيعات شتى.
فالله هو الواهب المنعم الذي وهب الحياة للإنسان. ووهب له كل ما يملك من طاقات ومزايا وصفات.
{خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ} [3].
{الرَّحْمَنُ، عَلَّمَ الْقُرْآنَ، خَلَقَ الْإِنْسَانَ، عَلَّمَهُ الْبَيَانَ} [4].
{سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى، الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى} [5].
{وَقَدْ خَلَقْتُكَ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ تَكُ شَيْئًا} [6].
{يَا أَيُّهَا الْإِنْسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ، الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ} [7].
{اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً} [8].
{وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ} [9]. [1] انظر الفصل السابق "تربية الجسم". [2] سورة الحديد 20. [3] سورة التغابن 3. [4] سورة الرحمن 1-4. [5] سورة الأعلى 1-2. [6] سورة مريم 9. [7] سورة الانفطار 6-7. [8] سورة الروم 54. [9] سورة الصافات 96.
اسم الکتاب : منهج التربية الإسلامية المؤلف : قطب، محمد الجزء : 1 صفحة : 142