اسم الکتاب : منهج التربية الإسلامية المؤلف : قطب، محمد الجزء : 1 صفحة : 140
{وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ، الَّذِي جَمَعَ مَالًا وَعَدَّدَهُ، يَحْسَبُ أَنَّ مَالَهُ أَخْلَدَهُ، كَلَّا لَيُنْبَذَنَّ فِي الْحُطَمَةِ، وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْحُطَمَةُ، نَارُ اللَّهِ الْمُوقَدَةُ، الَّتِي تَطَّلِعُ عَلَى الْأَفْئِدَةِ، إِنَّهَا عَلَيْهِمْ مُؤْصَدَةٌ، فِي عَمَدٍ مُمَدَّدَة} [1].
{وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ، الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} [2].
وهكذا يوقع الإسلام على هذين الوترين المتقابلين جميع أنغام الخوف والرجاء التي يمكن أن تعرض لحياة البشر على الأرض. ويصل من ذلك التوقيع المنوع النغمات المتجدد الألحان إلى تحرير النفس من الخوف الأرضي والتعلق بمتاع الأرض الزائل، وإطلاق البشرية عاملة في سبيل الخير. في كل ميدان من ميادين العمل: في السياسة والاجتماع والاقتصاد، وعمارة الأرض، على أسس من نظافة الخلق ونظافة الضمير، ابتغاء مرضاة الله، وفرارًا من عذاب الله، كما يصل إلى تهذيب الضمير البشري وإرهافه إلى الدرجة التي ينتفض فيها صاحيًا لأقل لمسة وأبسط توجيه، حتى يكفي أن يظن أن ذلك يرضي الله فيعمله، ويكفي أن يظن أن ذلك يغضب الله فيبتعد عنه. وكذلك كان المسلمون الأوائل الذين رباهم القرآن. وصلت حساسيتهم المرهفة -واطمئنانهم مع ذلك إلى الله- إلى حد كانوا يعيشون فيه مع الله نهارهم وليلهم، ولا ينصرفون عنه في عمل أو راحة. وكانوا بذلك كما حدث عنهم خالقهم: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ} . صدق الله العظيم. [1] سورة الهمزة 1-9. [2] سورة آل عمران 133-134.
الحب والكره:
والحب والكره خطان آخران من خطوط النفس المزدوجة المتقابلة، يشملان مساحة واسعة من النفس، ومساحة واسعة من الحياة. إنها مساحة قريبة من تلك التي يشملها الخوف والرجاء.
اسم الکتاب : منهج التربية الإسلامية المؤلف : قطب، محمد الجزء : 1 صفحة : 140