responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : منهج التربية الإسلامية المؤلف : قطب، محمد    الجزء : 1  صفحة : 121
ولا يفرض الإسلام الضبط على النفس فرضًا وهي ليست مهيأة له، وليس لديها إليه استعداد!
كلا! فالقدرة على الضبط قدرة بشرية أصيلة، موجودة في داخل الكيان. يقول جوليان هكسلي في كتابه "الإنسان في العالم الحديث" -وهو كاتب ملحد لا يصدر في قوله عن إيمان بالله ولا توقير للمفاهيم الدينية- يقول في فصل بعنوان: "تفرد الإنسان":
"يجب ألا يعزب عن بالنا أن الفرق بين الإنسان والحيوان في العقل أعظم بكثير مما يظن عادة. وكلنا على علم بقوة الغريزة في الحشرات.. ولكنها تبدو عاجزة عن معرفة طرق جديدة. وليست الثدييات بأفضل من ذلك. بينما للتفكير عند الإنسان أهمية بيولوجية كبرى، حتى عندما تسود تفكيره العادة والمحاولة والخطأ. ولا بد أن يكون سلوك الحيوانات عرفيًّا، أي: إنه ثابت في حدود ضيقة. أما الإنسان فقد أصبح في سلوكه حرًّا نسبيًّا - حرًّا في الأخذ والعطاء على حد سواء. ولهذه الزيادة في المرونة نتائج أخرى سيكلوجية يتناساها رجال الفلسفة العقلية، والإنسان فريد في بعضها. فلقد أدت هذه المرونة مثلًا إلى كون الإنسان هو الكائن الحي الوحيد الذي لا بد أن يتعرض للصراع النفسي. ومع ذلك فطبقًا للآراء الحديثة توجد "لدى الإنسان" أجهزة لتقليل النزاع إلى أقصى حد، وهي التي يعرفها علماء النفس بالكبت والقمع"[1].
هناك إذن أجهزة -بيولوجية كما يقول هكسلي في كتابه- تتميز بها الإنسان عن الحيوان، تساعده على ضبط انفعالاته وتوجيهها توجيهًا حرًّا -نسبيًّا- بطريقة لا يقدر عليها الحيوان.
والإسلام يستغل هذه الطاقة الضابطة، كما يستغل الطاقات كلها، في تربية النفس والارتفاع بها لكي تحقق الكيان الأعلى للإنسان.
ويتخذ إلى ذلك وسائل شتى.
فهو -كما قلنا من قبل- يربط القلب البشري بالله، وخشيته وتقواه،

[1] الكبت كما عرفه هكسلي في كتابه هذا هو المنع اللاشعوري للنزعة الفطرية "وهو تعريف فرويد له" أما ما سماه بالقمع فهو العملية الإرادية. وهي التي نفضل -كما صنعنا في كتاب "الإنسان بين المادية والإسلام"- أن نسميها "الضبط".
اسم الکتاب : منهج التربية الإسلامية المؤلف : قطب، محمد    الجزء : 1  صفحة : 121
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست