responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : منهج التربية الإسلامية المؤلف : قطب، محمد    الجزء : 1  صفحة : 109
إنها رغائب يحف بها الألم واللذة. أحدهما يدفع بها، والأخرى تحدوها لتنطلق إلى الإمام.
وإذا عرفنا ذلك أدركنا مكمن الخطر في هذه الرغائب. إنها ضرورية لبقاء الحياة واستمرارها. ولكنها في الوقت ذاته معرضة للانطلاق العنيف. وكيف لا تنطلق -إذا تركت وشأنها- وفي طبيعتها كل ذلك الدفع وكل ذلك الحداء؟
وحين تنطلق -كالمطية الفارهة- فإنها تعرض راكبها للعطب والهلاك.
فهي أولًا تعطب جسده بالعلل والأمراض، والاستهلاك السريع قبل الأوان.
وهي ثانيًا تشقيه ولا تتركه في راحة. فمن شأنها -حين تترك لتنطلق- أن تظل منطلقة لا تشبع من الانطلاق. وحينئذ تنقلب اللذة إلى ألم، والمتعة إلى عذاب.
الذي يسرف في الطعام لا يشبع كما يبدو لأول وهلة. بل يصيبه النهم فلا يقنع ولا يستريح.
والذي يسرف في إمتاع الجسم بالراحة لا يشعر بمزيد من الراحة كما يبدو لأول وهلة. بل يصيبه الكسل والترهل، ويعجز بعد قليل عن الحركة النشيطة القادرة، ويصبح الكسل المضجر الممل نوعًا من العذاب.
والذي يسرف في الجنس لا يأخذ مزيدًا من المتاع كما يبدو لأول وهلة.
بل يصيبه النهم الجنسي فلا يكتفي ولا يشبع، ويظل دائمًا جوعان يبحث عن صيد جديد.
والذي يسرف في الملك لا يزداد متعة بما يملك. بل يصيبه الجشع فلا يشبع مهما امتلك، ويظل يشعر دائمًا بأن ما لديه قليل وأنه في حاجة إلى مزيد.
وهكذا تفسد المتعة الأولى وتنقلب إلى هم مقعد مقيم.
وثمة أمر آخر.
فليس هم الحياة -كما فطرها الله- مجرد أداء "المطالب البيولوجية". كلا! ففي فطرة الحياة إلى جانب ذلك جمال. جمال زائد على الضرورة وليس خاضعًا لمنطق الضرورة. جمال يتمثل في إحسان الأداء لا في مجرد الأداء.

اسم الکتاب : منهج التربية الإسلامية المؤلف : قطب، محمد    الجزء : 1  صفحة : 109
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست