اسم الکتاب : منهج التربية الإسلامية المؤلف : قطب، محمد الجزء : 1 صفحة : 108
على النوع عن طريق المحافظة على الفرد. وقد وضع الخالق في الفطرة ضمانة التنفيذ. وضعها في الأعماق. وضعها في صميم البنية. في "مادة الجسم".
في تلك القبضة من طين الأرض المشتملة على عناصر الأرض وكيماوياتها ودوافعها.
لكي يحافظ الفرد على نفسه لا بد له من طعام وشراب وكساء ومأوى ينام فيه. ولكي يحافظ على النوع لا بد له من طاقة جنسية للتوالد، وطاقة للدفاع عن نفسه وعن غيره ضد أي اعتداء. ثم لا بد له -من أجل هذا وذاك- أن يحب نفسه فردًا متميزًا مستقل الكيان، ويحب نفسه عضوًا في جماعة تتكون من نفسه ومن الأفراد الآخرين، كما يحب هذا الكيان المجتمع من نفسه ومن الآخرين.
تلك أهم "الدوافع الفطرية" التي أودعها الله فطرة الإنسان ليحافظ على نفسه ويحافظ على نوعه. وجعل في بنيته الضمان لتحقيق أهدافها وتنفيذ مطالبها.
فالجوع والعطش ضمان لإعطاء الجسم حاجته الدائمة من الطعام والشراب. والألم اللاذع من البرد والحر وتقلبات الجو ضمان لإعطاء الجسم وقايته من كساء ومأوى وما إليه. والرغبة العنيفة في الجنس ضمان لتحقيق التوالد المستمر الذي يحفظ النوع على ظهر الأرض. والرغبة الشديدة في إمتاع النفس ضمان لاستمرار تزويد الإنسان بضروراته من كل نوع. وهكذا كل مطلب من مطالب الحياة يحمل ضماناته في يديه. فطرة لا تحتاج في الإحساس بها إلى تفكير.
وليس "الألم" وحده هو الدافع. فذلك رباط من جانب واحد! وفي الجانب الآخر رباط اللذة. فكل دفعة فطرية، أو كل مطلب من مطالب الحياة، مزود بضمانين في وقت واحد. ضمان يدفع من الخلف، وضمان يجذب من الأمام. أحد الضمانين هو الألم الناشئ عن عدم تحقيق الرغبة، والآخر هو اللذة الكامنة في التحقيق.
والألم واللذة الكامنان في بنية الجسم وبنية النفس هما الدافع الأكبر من بين دوافع الحياة.
و"الدوافع الفطرية" هي خلاصة ذلك المزيج الكامن في بنية الجسم وبنية النفس.
اسم الکتاب : منهج التربية الإسلامية المؤلف : قطب، محمد الجزء : 1 صفحة : 108