اسم الکتاب : منهج التربية الإسلامية المؤلف : قطب، محمد الجزء : 1 صفحة : 107
والإسلام صريح غاية الصراحة في معالجة الأمور الجسدية، في الغسل والوضوء، كما هو صريح في معالجة الأمور الجنسية {وَيَسْأَلونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذىً فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ} [1] {أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ} [2]. وليس بعد ذلك صراحة في الاعتراف بالطاقة الحيوية نظيفة محببة معروضة في موضع النور!
كما أن الإسلام يحرص على المظاهر الجسمية النفسية في مجال الجنس. إنه يحب أن يكون الرجل واضح الرجولة والأنثى واضحة الأنوثة. يكره التخنث والميوعة، ويكره المتشبهين بالنساء والمتشبهات بالرجال. لأنه يحترم الطاقة الجنسية على فطرتها السليمة. يحترمها احترامًا جادًّا، لا على أنها وسيلة للفحش، ولا على أنها وسيلة للتميع والانحلال.
والإسلام لا يحتقر "الجسم" ولا يستنكره ولا يستقذره. وأبلغ دليل على ذلك أن العبادات الإسلامية تشرك الجسم في العبادة ولا تسقطه من الحساب.
والصلاة بصفة خاصة ملحوظ فيها ذلك الارتباط. فالوضوء عملية جسمية -وإن كانت له معان روحية- قصد بها تطهير البدن قبل الدخول في الصلاة. والصلاة ذاتها حركة جسم في ذات الوقت التي هي فيه يقظة فكر وطلاقة روح. ويظل الجسم مشاركًا للعقل والروح في أثناء الصلاة، يشارك بالحركة والخشوع. ويشارك بالمحافظة على الطهارة، وإلا فسدت الصلاة.
والصيام عبادة نفسية جسمية في آن. وكذلك العبادة بمعناها الواسع.. عبادة "العمل" إنها مشاركة جسمية في التوجه إلى الله.
ولكن الإسلام وهو يحترم الطاقة الجسمية احترامًا كاملًا، لا يتركها على حالها، ولا يطلق لها العنان! إنه ينظمها ويضبط منصرفاتها. لأنها -هكذا طبيعتها- إذا تركت وشأنها لا تقف عند حد، وتدمر الكيان.
إن للحياة -كما خلقها الله- أهدافًا حيوية لا بد من تحقيقها لتستمر الحياة على وجه الأرض. أهدافًا تتمثل في المحافظة على الفرد، والمحافظة [1] سورة البقرة 222. [2] سورة البقرة 187.
اسم الکتاب : منهج التربية الإسلامية المؤلف : قطب، محمد الجزء : 1 صفحة : 107