اسم الکتاب : منهج التربية الإسلامية المؤلف : قطب، محمد الجزء : 1 صفحة : 105
{وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ} [1] أي: إن حواسهم لا تؤدي وظيفتها النفسية, وإن كانت صحيحة التركيب من حيث هي حواس.
وكذلك عضلات الجسم وأحشاؤه وعروقه وأعصابه. إنها تركيب جسمي. نعم. ولكنها في النهاية "طاقة حيوية" مجتمعة متحركة لغاية نفسية مرتبطة بها أشد ارتباط.
والإسلام في تربيته للجسم والطاقة الحيوية يراعي الأمرين معًا. يراعي الجسم من حيث هو جسم، ليصل منه إلى الغاية النفسية المرتبطة به. فحين يقول الرسول الكريم: "إن لبدنك عليك حقًّا": من إطعام وإراحة وتنظيف وتقويم، فهو يدعو إلى هذه العناية الشاملة بالجسم كله، ليأخذ "الإنسان" بنصيب من المتاع الحسي الطيب الحلال الذي أمر الله به في توجيهاته الكثيرة: {وَلا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا} [2] {قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ} [3] أي: لغاية نفسية مقامة على قاعدة جسمية؛ ثم ليوفر الطاقة الحيوية اللازمة لتحقيق أهداف الحياة، وهي أهداف تشمل كل كيان الإنسان.
وكذلك توجيهات الإسلام المختلفة في هذا الباب. فالرماية والفروسية -أو الرياضة البدنية عامة- هي جزء من منهج التربية الإسلامية تنص عليه أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم، ويقصد بها تقوية الجسم ورياضته على احتمال المشاق وبذل الجهد. كما يقصد بها قوة الأخذ بنصيب الإنسان من الحياة، والاستمتاع به. فالجسد الهزيل المريض لا يأخذ نصيبه الحق من المتاع؛ فوق أنه لا يوصل شحنة الحياة إلى النفس توصيلًا
صحيحًا تقوم عن طريقه بمهمتها المفروضة عليها؛ وفوق أن جهاد الحياة -والحياة كلها جهاد- في حاجة إلى جسم وثيق متين البنيان.
وقد كان من ذلك سباقه صلى الله عليه وسلم لعائشة رضي الله عنها، وسبقها [1] سورة الأعراف 179. [2] سورة القصص 77. [3] سورة الأعراف 32.
اسم الکتاب : منهج التربية الإسلامية المؤلف : قطب، محمد الجزء : 1 صفحة : 105