اسم الکتاب : منهج التربية الإسلامية المؤلف : قطب، محمد الجزء : 1 صفحة : 104
الباب الخامس: تربية الجسم
حين نتحدث عن الجسم في مجال التربية فليس المقصود هو عضلاته وحواسه ووشائجه فحسب. وإنما نقصد كذلك الطاقة الحيوية المنبثقة من الجسم، والمتمثلة في مشاعر النفس. طاقة الدوافع الفطرية والنزوعات والانفعالات.. طاقة الحياة الحسية على أوسع نطاق.
ودون أن ندخل في جدل مع علم النفس التجريبي الذي يقول: إن النفس كلها، بما فيها من مشاعر وأفكار وتصرفات إن هي إلا انعكاس الجسم بكيماوياته وكهربياته، ولا مع النظريات الفلسفية التي تقول إن الجسم مجرد وعاء للنفس. تقول: إن هناك اتصالًا وثيقًا بين النفس والجسم، وتفاعلًا مشتركًا، النفس تؤثر في الجسم، والجسم يؤثر في النفس، ولا انفصال بين هذه وذاك.
ولقد قدمنا في الفصول السابقة أن الكائن الإنساني وحدة متصلة مترابطة لا يمكن أن تحل إلى أجزاء، وإنما هي ضرورة البحث التي تملي علينا أن نتحدث عن كل جزء على حدة, وإن لم يكن كذلك في الحقيقة.
وهنا بصفة خاصة لا نستطيع أن نفصل بين النفس والجسم. لا نستطيع أن نتحدث عن نشاط جثماني واحد لا يدخل في نطاق النفس. السمع والبصر والذوق والشم واللمس كلها حواس. حواس جسمية. ولكنها لا تؤدي وظيفتها منفصلة عن الكيان النفسي كله. ولا يمكن الحديث عنها منفصلة إلا إذا تحدثنا عن تركيبها الفسيولوجي أو ذهبنا بها إلى الطبيب؛ ليعالج ما طرأ عليها من اختلال في الوظيفة. ولكننا حين نتحدث عنها في مجالها الحيوي الشامل، نتحدث عنها كحاسة موصلة إلى غاية. موصلة إلى أثر نفسي معين يتحقق عن طريق استخدام هذه الحواس. فالرؤية ذاتها بلا وعي. والسمع ذاته بلا تدبر. والذوق والشم واللمس بلا انعكاس لها في محيط النفس.. ليست هي الشيء الذي له قيمة في حياة الإنسان، ولا هي شيء يربى لذاته.
اسم الکتاب : منهج التربية الإسلامية المؤلف : قطب، محمد الجزء : 1 صفحة : 104