responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : منهج التربية الإسلامية المؤلف : قطب، محمد    الجزء : 1  صفحة : 102
"وهنا حدث انقلاب كبير في سيكلوجية الإنسان.
"فقد أخذ رويدًا رويدًا يفقد سيطرته على نفسه ويفقد في الوقت ذاته إنسانيته".
"لقد توغل شبح الآلة الضخمة في أعماق حسه، وصارت هي القوة القاهرة التي تملي عليه إرادتها، وتصرف حياته كما تريد".
"أحس الإنسان بالضآلة فانكمش داخل نفسه. انكمشت مشاعره الحية ورفرفاته المضيئة. انكمشت عواطفه المتدفقة وأشواقه المتطلعة إلى الأفق الطليق".
"ورويدًا.. رويدًا تصلبت أنسجة نفسه وجفت، فصارت كالآلة البليدة الصماء التي تسيطر على كيانه".
"وصارت حياته كلها روتينًا كروتين الآله! يبدأ في الصباح وينتهي في المساء".
"زرار واحد أو مجموعة أزرار تفتح في لحظة معينة مضبوطة كانضباط الآلة، فتشتغل الآلة النفسية مندفعة بما فيها من وقود مشحون. وتظل تعمل وتعمل وتعمل.. حتى يدق لها الجرس. وهنا يسكت العمل فجأة كما ابتدأ فجأة. يسكت كما تسكت الآلة حين يقطع عنها التيار".
"ثم تشتغل قطع أخرى من الآلة النفسية حين يجيء عليها الدور".
"أو تقف خامدة بليدة بلا حراك".
"ولكن الدفعة الحيوية البشرية المكبوتة منذ الصباح لا بد أن تنطلق في صورة من الصور، فهي لم تستهلك كلها في النشاط الآلي الجامد البليد".
"وإنها لتنطلق بالفعل. انطلاق البهيمة حين تفك عنها القيود".
"فورة جسد هائم مجنون. يهفو إلى جسد هائم مجنون".
"وتندفع الشحنة الحبيسة في متصرفها الحيواني، فتهدأ الأعصاب الثائرة لحظة ريثما تشحن في الغد بالطاقة المكبوتة التي تبحث عن التفريغ".
"وتصبح كذلك حياة الإنسان: آلية جافة جامدة لا مكان فيها للعواطف الحية أو الأشواق الرفافة، أو اللمسات الدقيقة العميقة، لا مكان فيها للتطلع إلى فكرة عليا أو إحساس كبير. وحيوانية هابطة تستغرق ما بقي من النشاط المذخور".
"وبهذا وذلك يتوارى "الإنسان" ويحل محله الحيوان الآلي الذي يملأ

اسم الکتاب : منهج التربية الإسلامية المؤلف : قطب، محمد    الجزء : 1  صفحة : 102
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست