اسم الکتاب : منهج التربية الإسلامية المؤلف : قطب، محمد الجزء : 1 صفحة : 100
لم يفتنهم فينبذوا أخلاقهم جانبًا بحجة أنهم "تقدميون"!
بل سار العلم في ظلال العقيدة يكشف ويصل كل يوم إلى جديد، وهو ماض في طريق الخير، لأنه سائر في طريق الله[1].
ليس في حياة المسلمين تلك النفرة الكريهة بين الدين والعلم. ولا بين البشر والله.
ولقد أثرت في لا شعور الأوربيين تلك الأسطورة اليونانية النكدة، أسطورة برومثيوس سارق النار، فشكلت مشاعرهم تجاه الله سبحانه، وانحرفت بهم عن نهجه وهداه.
"هذه الأسطورة تصور العلاقة بين البشر والآلهة علاقة صراع دائم وضغينة وأحقاد. علاقة لا ترف فيها مشاعر الرحمة أو العطف أو المودة. ولا يهدأ أوارها حتى يشتغل من جديد.
"والمعركة قائمة على النار المقدسة: نار "المعرفة". البشر يريدون أن يستولوا على هذه النار المقدسة ليعرفوا أسرار الكون كلها ويصبحوا آلهة. والآلهة تنكل بهم في وحشية وعنف، لتنفرد وحدها بالقوة، وتنفرد دونهم بالسلطان!
"تلك إذن هي طبيعة العلاقة بين البشر والله! العلاقة التي اندست في أوهام الأوربيين وصارت تصرف أفكارهم بغير وعي. العجز وحده هو الذي يخضعهم لمشيئة الله! وهم غير راضين عن هذا العجز ولا ساكتين عنه. فهم في محاولة دائمة يطلبون "القوة" ويطلبون "المعرفة". يحاولون دائمًا أن يقهروا هذا العجز. أو يقهروا -بلغتهم- قوة الطبيعة. أو -بلغتهم اللاشعورية أيضًا- ينتزعوا الأسرار! ينتزعوها من الإله الوثني القديم الذي كانوا يحاولون أن ينتزعوا منه ناره المقدسة!
"وبهذا الدافع الخفي المطبوع في أعماق النفس الغربية -في أعماق اللاشعور- يحس الغربيون أن كل خطوة يخطوها "العلم" ترفع الإنسان فوق نفسه درجة، وتنزل الإله من عليائه بنفس القدر! [1] انظر فصل "طلب العلم فريضة" في كتاب "قبسات من الرسول".
اسم الکتاب : منهج التربية الإسلامية المؤلف : قطب، محمد الجزء : 1 صفحة : 100