responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : مناهج التربية أسسها وتطبيقاتها المؤلف : على أحمد مدكور    الجزء : 1  صفحة : 179
وهناك "الإلهام" والإلهام هو تنبيه الله للنفس الإنسانية وإلهامها بالأفكار والعلاقات على قدر صفاتها وقبولها وقوة استعدادها، ومقدار سعيها، وتعلم الإنسان عن طريق إلهام الله له يمكن إدراكه في قوله تعالى: {وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ} [البقرة: 282] فالآية دعوة صريحة إلى المؤمنين بتقوى الله، فهو الذي يعلمهم ويرشدهم، وأن تقوى الله تفتح قلوبهم للمعرفة، وتهيئ عقولهم للتعلم. ويؤكد هذا أيضا قوله تعالى: {وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا، فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا} [الشمس: 7، 8] . فالإلهام -إذن- وسيلة من استعداداتها وطاقاتها المدركة إلى طريق الخير أو إلى طريق الشر.
إهمال دراسة المنهج العلمي للبحث في التصور الإسلامي:
لكن الباحثين والمفكرين المسلمين قد أهملوا في القرون الأخيرة -للأسف الشديد- دراسة مناهج البحث العلمي في التصور الإسلامي، وأهملوا بالتالي تطبيقاتها في حياتهم الفكرية والاجتماعية. وساروا بدلا من ذلك وراء المدارس الوضعية الغربية التي تنكر الوحي، وتتنكر لفكرة الرسالات والنبوات، وترفض التعامل مع الغيب، ولا تؤمن إلا بعالم الشهادة، وبذلك تسقط كل المعارف التي لا تخضع للتجريب المعملي وملاحظة المحسوسات!
ولقد كان من أهم آثار استخدام منهج البحث في العلوم الطبيعية والحيوية في العلوم الاجتماعية والتربوية، أن رسخ في أذهان الأجيال من العلماء والباحثين: "أن المعرفة العلمية المنضبطة في المجالات الاجتماعية والتربوية لا بد أن تكون نتاج التجريب والتحليل، وأن المعارف التي تفرزها عقول البشر وإبداعاتهم عن غير هذا الطريق ليست معارف، وأن ما تركب منها ليس علما"[1]. ولا شك أن هذا يمثل مفهوما متخلفا للعلم والمعرفة على سواء.
والذين يشجعون استخدام منهج التجريب والتحليل في البحوث الاجتماعية والتربوية يبنون نظريتهم على افتراضات أساسية يصعب الدفاع عنها، كالحياد العلمي، وموضوعية الحقيقة، وصدق الملاحظة، إلخ.
وقد سبق أن قلنا إن "الحقائق العلمية" ليست أكثر من مجرد افتراضات راجحة، ليست قطعية الدلالة ولا مطلقة الدلالة، وقد بدأ كثير من علماء الغرب يقللون من شأن التجريب ويؤكدون أنه لا توجد نظرية محايدة، وأن ملاحظة أي باحث تتأثر إلى درجة كبيرة بنظريته، وفروضه، وإطار عمله، وخلفيته المعرفية. وأن الحياد العلمي والملاحظة الموضوعية اللذين كثر الكلام عنهما أمران مشكوك فيهما. وقد أكد "جون

[1] أحمد المهدي عبد الحليم: "نحو صيغة إسلامية للبحث الاجتماعي التربوي" العدد 23، السنة الثامنة، 1408هـ-1987م، ص37.
اسم الکتاب : مناهج التربية أسسها وتطبيقاتها المؤلف : على أحمد مدكور    الجزء : 1  صفحة : 179
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست