responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : مناهج التربية أسسها وتطبيقاتها المؤلف : على أحمد مدكور    الجزء : 1  صفحة : 178
المشهود، وأنكروا الكون المغيب، واختزلوا عالم الإنسان إلى "عالم الشهادة" وأنكروا الحياة الآخرة؛ واختزلوا مصادر المعرفة الصحيحة إلى الظواهر المادية فقط دون غيرها، ومن ثم اختزلوا أدوات المعرفة وقصروها على الحواس فقط.
لكن المنهج الإسلامي لا يقف بمصادر المعرفة عند المنهج التجريبي وحده.. إنه لا يهمله ولا يغض من شأنه، ولا من شأن ثمراته المعرفية -فهو أحد إبداعات الحضارة الإسلامية، فيها تبلور وأعطى ثمراته، قبل أن ينتقل ويتطور لدى الغرب- ولكنه لا يقول بتفرده كسبيل للمعرفة، ولا يرى أنه سبيل للمعرفة القطعية المطلقة، فهناك المعرفة اليقينية المتمثلة في كتاب الله وسنة رسوله -صلى الله عليه وسلم، وهناك المنهج الاستقرائي الذي يستنبط به الإنسان من الجزئيات المادية معارف تقطع بضرورة وجود غير مادي[1].
وهناك المنهج العلمي للنظر العقلي، ويسميه الغزالي بمنهج "التفكير"، ويحدث إذا غلب نور العقل على أوصاف الحس، وهنا يستغني العالم بقليل من التفكير على كثير من إدراكات الحواس.
ويتطلب المنهج العلمي للنظر العقلي من الباحث المسلم أو المفكر المسلم أن يعمل على تمحيص الحقيقة، وعدم التأثير بمقررات سابقة، ولا مقررات ذاتية لا برهان عليها، ولا بمجرد الظن: {وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولًا} [الإسراء: 36] . {وَمَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنَّ الظَّنَّ لا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا} [النجم: 28] ، "إياكم والظن فإن الظن أكذب الحديث" [رواه البخاري] .
وهو منهج يحث العقل على طلب الدليل في كل اعتقاد: {هَؤُلاءِ قَوْمُنَا اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آلِهَةً لَوْلا يَأْتُونَ عَلَيْهِمْ بِسُلْطَانٍ بَيِّنٍ} [الكهف: 15] .. وقال -صلى الله عليه وسلم: "قيدوا العلم بالعقل، وقيدوا العقل بالكتاب".
كما يوجه العقل إلى عدم التسرع في إصدار الأحكام: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ} [الحجرات: 6] .
وإلى عدم نشر ما يسمع قبل دراسة المختصين له، وإصدار الحكم عليه: {وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ} [النساء: 83] .

[1] سيد قطب: خصائص التصور الإسلامي ومقوماته، مرجع سابق، ص180.
اسم الکتاب : مناهج التربية أسسها وتطبيقاتها المؤلف : على أحمد مدكور    الجزء : 1  صفحة : 178
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست