اسم الکتاب : صيد الخاطر المؤلف : ابن الجوزي الجزء : 1 صفحة : 82
للخلافة في أرضه، وراسلك، واقترض منك واشترى؟! فإن رآها تتكبر، قال لها: هل أنت إلا قطرة من ماء مهين[1]، تقتلك شرقة، وتؤلمك بقة؟! وإن رأى تقصيرها، عرفها حق الموالي على العبيد. وإن ونت[2] في العمل، حدثها بجزيل الأجر. وإن مالت إلى الهوى، وفها عظيم الوزر، ثم يحذرها عاجل العقوبة الحسية، كقولة تعالى: {قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَخَذَ اللَّهُ سَمْعَكُمْ وَأَبْصَارَكُمْ} [الأنعام: 46] ، والمعنوية؟ كقوله تعالى: {سَأَصْرِفُ عَنْ آيَاتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ} [الأعراف: 146] . فهذا جهاد بالقول، وذاك جهاد بالفعل. [1] الماء المهين: المني. [2] ونت: ضعفت وقصرت.
38- فصل: امتناع إجابة الدعاء.
205- رأيت من البلاء أن المؤمن يدعو فلا يجاب، فيكرر الدعاء، وتطول المدة، ولا يرى أثرًا للإجابة، فينبغي له أن يعلم أن هذا من البلاء الذي يحتاج إلى الصبر، وما يعرض للنفس من الوسواس في تأخير الجواب مرض يحتاج إلى طب.
206- ولقد عرض لي شيء من هذا الجنس؛ فإنه نزلت بي نازلة، فدعوت، وبالغت، والبخل معدوم، فما فائدة تأخير الجواب؟! فقلت له: اخسأ يا لعين! فما أحتاج إلى تقاض، ولا أرضاك وكيلًا.
ثم عدت إلى نفسي فقلت: إياك ومساكنة وسوسته، فإنه لو لم يكن في تأخير الإجابة إلا أن يبلوك المقدر في محاربة العدو، لكفى في الحكمة.
207- قالت: فسلني عن تأخير الإجابة في مثل هذه النازلة! فقلت: قد ثبت بالبرهان أن الله عز وجل مالك، وللمالك التصرف بالمنع والعطاء، فلا وجه للاعتراض عليه[1].
والثاني: أنه قد ثبتت حكمته بالأدلة القاطعة، فربما رأيت الشيء مصلحة، [1] هذا أولًا.
اسم الکتاب : صيد الخاطر المؤلف : ابن الجوزي الجزء : 1 صفحة : 82