اسم الکتاب : صيد الخاطر المؤلف : ابن الجوزي الجزء : 1 صفحة : 68
أعجبها أن الإنسان قد يخفي ما لا يرضاه الله عز وجل، فيظهره الله سبحانه عليه، ولو بعد حين، وينطق الألسنة به، وإن لم يشاهده الناس.
وربما أوقع صاحبه في آفة يفضحه بها بين الخلق، فيكون جوابًا لكل ما أخفى من الذنوب، وذلك ليلعم الناس أن هنالك من يجازي على الزلل، ولا ينفع من قدره وقدرته حجاب ولا استتار، ولا يضاع لديه عمل.
159- وكذلك يخفي الإنسان الطاعة، فتظهر عليه، ويتحدث الناس بها وبأكثر منها، حتى إنهم لا يعرفون له ذنبًا، ولا يذكرونه إلا بالمحاسن، ليعلم أن هنالك ربًّا لا يضيع عمل عامل.
160- وإن قلوب الناس لتعرف حال الشخص وتحبه أو تأباه، وتذمه أو تمدحه -[وفق ما] [1] يتحقق بينه[2] وبين الله تعالى- فإنه يكفيه كل هم، ويدفع عنه كل شر، وما أصلح عبد ما بينه وبين الخلق، دون الحق، إلا انعكس مقصوده، وعاد كل شر، وما أصلح عبد ما بينه وبين الخلق، دون الحق، إلا انعكس مقصوده، وعاد حامده ذامًّا. [1] في الأصل: "وربما لم". [2] في الأصل: "ما بينه".
31- فصل: غلبة الجهل والهوى على أكثر الناس
161- تأملت الأرض ومن عليها بعين فكري، فرأيت خرابها أكثر من عمرانها، ثم نظرت في المعمور منها، فوجدت الكفار مستولين على أكثره، ووجدت أهل الإسلام في الأرض قليلًا بالإضافة إلى الكفار.
162- ثم تأملت المسلمين، فرأيت الأكساب قد شغلت جمهورهم عن الرازق، وأعرضت بهم عن العلم الدال عليه.
163- فالسطان مشغول بالأمر والنهي، والذات العارضة[1] له، ومياه أغراضه جارية لا سكر[2] لها، ولا يتلقاه أحد بموعظة، بل بالمدحة التي تقوي هوى النفس!! [1] في الأصل: المعارضة. [2] السكر: آلة تتحكم بجريان الماء، فيسد بها ويفتح، وهو حرف ما زال مستعملًا في الشام.
اسم الکتاب : صيد الخاطر المؤلف : ابن الجوزي الجزء : 1 صفحة : 68