responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : صيد الخاطر المؤلف : ابن الجوزي    الجزء : 1  صفحة : 411
فتفكرت، وإذا به قد يمكن مداراة الأمر بلقيمات يسيرة؛ وإنما التأويل جعل تناول هذا الطعام بشهوة أكثر مما يدفع بالمداراة، فقالت النفس: ومن أين لي أن عين هذا الطعام حرام؟! فقالت اليقظة: وأين الورع عن الشبهات؟! فلما تناولت بالتأويل لقمة، واستجلبتها بالطبع، لقيت الأمرين بفقد القلب: {فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الْأَبْصَارِ} [الحشر: [2]] .

305- فصل: همّة المؤمن متعلّقة بالآخرة
1343- همة المؤمن متعلقة بالآخرة، فكل ما في الدنيا يحركه إلى ذكر الآخرة، وكل من شغله شيء، فهمته شغله.
ألا ترى أنه لو دخل أرباب الصنائع إلى دار معمورة، رأيت البزاز ينظر إلى الفرش، ويحزر قيمته، والنجار إلى السقف، والبناء إلى الحيطان، والحائك إلى النسج[1].
1344- والمؤمن إذا رأى ظلمةً، ذكر ظلمة القبر، وإن رأى مؤلمًا، ذكر العقاب، وإن سمع صوتًا فظيعًا، ذكر نفخة الصور، وإن رأى الناس نيامًا، ذكر الموتى في القبور، وإن رأى لذة، ذكر الجنة؛ فهمته متعلقة بما ثم[2]، وذلك يشغله عن كل ما تم.
1345- وأعظم ما عنده أنه يتخايل دوام البقاء في الجنة، وأن بقاءه لا ينقطع، ولا يزال، ولا يعتريه منغص[3]، فيكاد إذا تخايل نفسه متقلبًا في تلك اللذات الدائمة، التي لا تفنى: يطيش فرحًا، ويسهل عليه ما في الطريق إليها، من ألم، ومرض، وابتلاء، وفقد محبوب، وهجوم الموت، ومعالجة غصصه، فإن المشتاق إلى الكعبة يهون عليه رمل زرود[4]، والتائق[5] إلى العافية لا يبالي بمرارة

[1] في الأصل: نسج الثياب.
[2] هناك في الآخرة.
[3] في الأصل: نغصة.
[4] زرود: رمال كثيرة في طريق القادم من الكوفة إلى مكة.
[5] التائق: المشتاق.
اسم الکتاب : صيد الخاطر المؤلف : ابن الجوزي    الجزء : 1  صفحة : 411
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست