اسم الکتاب : صيد الخاطر المؤلف : ابن الجوزي الجزء : 1 صفحة : 410
الخلق، بحيث لا يبصرهم، ولا يسمع كلامهم إلا في وقت ضرورة، كصلاة جمعة أو جماعة، ويحترز في تلك الساعات منهم، وإن كان عالمًا يريد نفعهم، وعدهم وقتًا معروفًا، واحترز في الكلام معهم.
وأما من يمشي في الأسواق اليوم، ويبيع، ويشتري مع هذا العالم المظلم، ويرى المنكرات والمستهجنات، فما يعود إلى البيت إلا وقد أظلم القلب.
1340- فلا ينبغي للمريد أن يكون خروجه إلا إلى الصحراء والمقابر، وقد كان جماعة من السلف يبيعون، ويشترون، ويحترزون، ومع هذا، ما صفا لصافيهم وقت، حتى قاطع الخلق.
قال أبو الدرداء: زاولت العبادة والتجارة؛ فلم يجتمعا، فاخترت العبادة.
وقد جاء في الحديث: "الأسواق تلهي وتلغي" [1]. فمن قدر على الحمية النافعة، واضطر إلى المخالطة والكسب للعائلة، فليحترز احتراز الماشي في الشوك، وبعيد سلامته. [1] رواه أحمد في الزهد ص "168" موقوفًا من كلام أبي الدرداء رضي الله عنه، وروى النسائي عن قيس بن أبي غرزة قال: أتانا النبي صلى الله عليه وسلم وكان في السوق فقال: "إن هذه السوق يخالطها اللغو والكذب، فشوبوها بالصدقة".
304- فصل: يدوم طيب القلب بدوام التقوى
1341- من رزق قلبًا طيبًا، ولذة مناجاة، فليراع حاله، وليحترز من التغيير؛ وإنما تدوم له حالة بدوام التقوى.
1342- وكنت قد رزقت قلبًا طيِّبًا، ومناجاة خلوةٍ[1]، فأحضرني بعض أرباب المناصب إلى طعامه، فما أمكن خلافه، فتناولت، وأكلت منه؛ فلقيت الشدائد، ورأيت العقوبة في الحال، واستمرت مدة، وغضبت على قلبي، وفقدت كل ما كنت أجده، فقلت: وا عجبًا! لقد كنت في هذا كالمكره! [1] اقرأ: مناجاةً حلوةً.
اسم الکتاب : صيد الخاطر المؤلف : ابن الجوزي الجزء : 1 صفحة : 410