اسم الکتاب : صيد الخاطر المؤلف : ابن الجوزي الجزء : 1 صفحة : 409
302- فصل: تسبيح المتيقّظين
1337- تأملت على أكثر الناس عباداتهم؛ فإذا هي عادات، فأما أرباب اليقظة، فعاداتهم عبادة حقيقية. فإن الغافل يقول: سبحان الله عادة، والمتيقظ لا يزال فكره في عجائب المخلوقات أو في عظمة الخالق، فيحركه الفكر في ذلك، فيقول: سبحان الله.
1338- ولو أن إنسانًا تفكر في رُمَّانَةٍ، فنظر في تصفيف حَبِّها، وحفظه بالأغشية لئلا يتضاءل، وإقامة الماء على عظم العجم[1]، وجعل الغشاء عليه يحفظه، وتصوير الفرخ في بطن البيضة، والآدمي في حشا الأُمِّ، إلى غير ذلك من المخلوقات: أزعجه[2] هذا الفكر إلى تعظيم الخالق، فقال: سبحان الله! وكان هذا التسبيح ثمرة الفكر، فهذا تسبيح المتيقظين، وما تزال أفكارهم تجول، فتقع عباداتهم بالتسبيحات محققةً.
وكذلك يتفكرون في قبائح ذنوب قد تقدمت، فيوجب ذلك الفكر حركة الباطن، وقلق القلب، وندم النفس، فيثمر ذلك أن يقول قائلهم: أستغفر الله. فهذا هو التسبيح والاستغفار. فأما الغافلون، فيقولون ذلك عادة. وشتان ما بين الفريقين. [1] العجم: النوي. [2] أزعجه: دفعه وحمله. لا يصفون الاشتغال بالآخرة إلا بالانقطاع عن الخلق
...
303- فصل: لا يصفو الاشتغال بالآخرة إلا بالانقطاع عن الخلق
1339- لا يصفو التعبد والتزهد والاشتغال بالآخرة إلا بالانقطاع الكلي عن
صديقًا، يقول في صديقٍ، أو في سلطان، أنه لا يهتم في ذلك، فيكون سبب هلاك ذاك.
فأوصي السليم الصدر الذي يظن في الناس الخير: بأن يحترز من الناس، وألا يقول في الخلق كلمة لا تصلح للخلق، ولا يغتر بمن يظهر الصداقة أو التدين، فقد عم الخبث.
اسم الکتاب : صيد الخاطر المؤلف : ابن الجوزي الجزء : 1 صفحة : 409