اسم الکتاب : صيد الخاطر المؤلف : ابن الجوزي الجزء : 1 صفحة : 347
245- فصل: العاقل من راقب العواقب
1128- أبله الناس من عمل على الحال الحاضرة، ولم يتصور تغيرها، ولا وقوع ما يجوز وقوعه.
1129- مثاله: أن يغتر بدولة، فيعمل بمقتضى ملكه، فإذا تغيرت، هلك! وربما عادى خلقًا، اغترارًا بأنه متسلط، أو أنه صاحب سلطان، فإذا تغيرت حاله، أكل كفه ندمًا عند فوات التدارك!
1130- وكذلك من له مال يبذره، سكونًا إلى وجود المال، وينسى حاله عند العدم! ومن يتناول الشهوات، ويكثر من المآكل والمشارب والنكاح، ثقة بعافيته، وينسى ما يعقب ذلك من الأمراض والآفات!
1131- ومن أظرف الأحوال أن يحب جاريته، فيعتقها، ويهب لها، أو امرأة فيسكن إليها ويهب لها، فتتمكن، ولا تمضي الأيام حتى يسلوها، أو يطلب غيرها، ولا يجد طريقًا للخلاص؛ فإن تخلص منها؛ أخذت ما غنمت منه، فلقي من الغيظ أضاف ما يلتذ به.
1132- فلا ينبغي أن يوثق بامرأة، ولا بمحبة إنسان! فإنه قد يحب امرأة، ويظن أنه لا يسلوها أبدًا، فيسترسل إليها، والسلو يحدث، وربما أحب غيرها، فينسى الأولى، فيصعب عليه الخلاص من الأولى!
1133- فالعاقل لا يدخل في شيء حتى يهيئ الخروج منه، فإن الأشياء لا تثبت، والمحبة لا تدوم، والتغير مقرون بكل حال.
1134- وكذلك يعطي ماله ولده، ثم يبقى كلًّا[1] عليه، فيتمنى الولد هلاكه، وربما عل به[2] في النفقة.
1135- وكذلك قد يثق بالصديق، فيبث أسراره إليه، فربما أظهر ذلك، فكان منها ما يوجب هلاكه. [1] كلًا: عالة. [2] علَّ به: قتر عليه.
اسم الکتاب : صيد الخاطر المؤلف : ابن الجوزي الجزء : 1 صفحة : 347