responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : صيد الخاطر المؤلف : ابن الجوزي    الجزء : 1  صفحة : 348
246- فصل: ليس إلّا المعرفة بالجملة
1138- من أعجب الأمور طلب الاطلاع على تحقيق العرفان لذات الله -عز وجل، وصفاته وأفعاله! وهيهات، ليس إلا المعرفة بالجملة، ولقد أوغل المتكلمون، فما وقعوا بشيء، فرجع عقلاؤهم إلى التسليم.
1139- وكذلك أصحاب الرأي، مالوا إلى القياس، فإذا أشياء كثيرة بعكس مرادهم، فلم يجدوا ملجأ إلا التسليم، فسموا ما خالفهم إستحسانًا.
1140- فالفقيه من علل بما يمكن، فإذا عجز، استطرح للتسليم، هذا شأن العبيد.
1141- فأما من يقول: لم فعل كذا؟ وما معنى كذا؟ فإنه يطلب الاطلاع على سر الملك، وما يجد إلى ذلك سبيلًا، لوجهين:
أحدهما: أن الله تعالى ستر كثيرًا من حكمه عن الخلق.
والثاني: أن ليس في قوى البشر إدراك حكم الله تعالى كلها فلا يبقى مع المعترض سوى الإعتراض المخرج إلى الكفر: {فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ إِلَى السَّمَاءِ ثُمَّ لْيَقْطَعْ فَلْيَنْظُرْ هَلْ يُذْهِبَنَّ كَيْدُهُ مَا يَغِيظُ} [لحج: 15] ، والمعنى: من رضي بأفعالي، وإلا، فليخنق نفسه، فما أفعل إلا ما أريد.

1136- وكذلك يغتر الإنسان بالسلامة، وينسى طروق الموت، فيأتيه بغتة، فيبهته[1]، وقد فات الاستدراك، ولم يبق إلا الندم.
1137- فالعاقل من كانت عينه مراقبة للعواقب، محترزة مما يجوز وقوعه، عاملة بالاحتياط فهي في كل حال، حافظة للمال والسر، غير واثقة بزوجة ولا ولد ولا صديق، متأهبة للرحيل، متهيئة للنقلة، هذه صفة أهل الحزم، والتفريط الواسع[2] وقت البذر.

[1] يبهته: يدهشه.
[2] في الأصل: المد سع.
اسم الکتاب : صيد الخاطر المؤلف : ابن الجوزي    الجزء : 1  صفحة : 348
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست