اسم الکتاب : صيد الخاطر المؤلف : ابن الجوزي الجزء : 1 صفحة : 336
1092- ومن أجال على خاطره ذكر الجنة، التي لا موت فيها ولا مرض، ولا نوم ولا غم، بل لذاتها متصلة من غير انقطاع، وزيادتها على قدر زيادة الحد هاهنا، انتهب هذا الزمان، فلم ينم إلا ضرورة، ولم يغفل عن عمره[1] لحظة.
1093- ومن رأى أن ذنبًا قد مضت لذته، وبقيت آفاته دائمة، كفاه ذلك زاجرًا عن مثله، خصوصًا الذنوب التي تتصل آثارها، مثل أن يزني بذات زوج، فتحمل منه، فتلحق بالزوج، فيمنع الميراث أهله، ويأخذه من ليس من أهله، وتتغير الأنساب والفرش، ويتصل ذلك أبدًا، وكله شؤم لحظة. فنسأل الله عز وجل توفيقًا يلهم الرشاد، ويمنع الفساد، إنه قريب مجيب. [1] في الأصل: عمارة.
237- فصل: سبب تخليط العقائد قياس الحاضر على الغائب
1094- تأملت سبب تخليط العقائد، فإذا هو الميل إلى الحس، وقياس الغائبات على الحاضر؛ فإن أقوامًا غلب عليهم الحس؛ فلما لم يشاهدوا الصانع، جحدوا وجوده، ونسوا أنه قد ظهر بأفعاله، وأن هذه الأفعال لا بد لها من فاعل، فإن العاقل إذا مر على صحراء خالية، ثم عاد وفيها غرس وبناء، علم أنه لا بد من غارس إذ الغرس لا يكون بنفسه ولا البناء.
1095- ثم جاء قوم، فأثبتوا وجود الصانع، ثم قاسوه على أحوالهم، فشبهوا، حتى إن قائلهم يقول في قوله صلى الله عليه وسلم: "ينزل إلى السماء": ينتقل! ويستدل بأن العرب لا تعرف النزول إلا الانتقال. وضل خلق كثير في صفاته، كما ضل خلق كثير في ذاته، فظن أقوام أنه يتأثر حين سمعوا أنه يغضب ويرضى، ونسوا أن صفته تعالى قديمة، لا يحدث منها شيء.
وضل خلق في أفعاله، فأخذوا يعللون، فلم يقنعوا بشيء، فخرج منهم قوم إلى أن تسبوا فعله إلى ضد "الحكمة" تعالى عن ذلك!!
1096- ومن رزق التوفيق، فليحضر قلبه لما أقول: أعلم أن ذاته سبحانه لا
اسم الکتاب : صيد الخاطر المؤلف : ابن الجوزي الجزء : 1 صفحة : 336