responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : صيد الخاطر المؤلف : ابن الجوزي    الجزء : 1  صفحة : 329
233- فصل: التعلل بالأقدار
1068- رأيت جماعة من الخلق يتعللون بالأقدار، فيقول قائلهم: إن وفقت، فعلت!
وهذا تعلل بارد[1]، ودفع للأمر بالراح[2]، وهو يشير إلى رد أقوال الأنبياء والشرائع جميعها؛ فإنه لو قال كافر للرسول: إن وفقني، أسلمت! لم يجبه إلا بضرب العنق.
وهذا من جنس قول الناس[3] لعلي رضي الله عنه: ندعوك إلى كتاب الله. فقال: كلمة حق أريد بها باطل، وكذلك قول الممتنعين عن الصدقة: {أَنُطْعِمُ مَنْ لَوْ يَشَاءُ اللَّهُ أَطْعَمَهُ} "يس: 47"!
1069- ولعمري إن التوفيق أصل الفعل، ولكن التوفيق أمر خفي، والخطاب بالفعل أمر جلي، فلا ينبغي أن يتشاغل عن الجلي بذكر الخفي.

[1] بارد: سخيف.
[2] أي: باليد، وهو الدفع الضعيف.
[3] قال رضي الله عنه ذلك للخوارج الذين عارضوه في التحكيم يوم صفين.
عطاءً منه لك؛ فإنه لم يمنعك بخلًا، إنما منعك لطفًا. فرأيته كلام من قد عرف الحقائق.
1066- فإن الإنسان قد يريد المستحسنات الفائقات فلا يقدر، وعجزه أصلح له؛ لأنه لو قدر عليهن، تشتت قلبه، إما بحفظهن، أو بالكسب عليهن. فإن قوي عشقه لهن؛ ضاع عمره، وانقلب هم الآخرة إلى الاهتمام بهن. فإن لم يردنه، فذاك الهلاك الأكبر. وإن طلبن نفقة، لم يطقها؛ كان سبب ذهاب مروءته وهلاك عرضه. وإن أردن الوطء، وهو عاجز، فربما أهلكنه أو فجرن. وإن مات مشعوقه، هلك هو أسفًا. فالذي يطلب الفائق يطلب سكينًا لذبحه، وما يعلم.
1067- وكذلك إنفاذ قدر القوت؛ فإنه نعمة، وفي "الصحيحين": أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "اللهم! اجعل رزق آل محمد قوتًا". ومتى كثر، تشتت الهم. فالعاقل من علم أن الدنيا لم تخلق للتنعيم، فقنع بدفع الوقت على كل حال.
اسم الکتاب : صيد الخاطر المؤلف : ابن الجوزي    الجزء : 1  صفحة : 329
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست