اسم الکتاب : صيد الخاطر المؤلف : ابن الجوزي الجزء : 1 صفحة : 322
226- فصل: الحكمة من أخذ الجزية.
1042- تفكرت في إبقاء اليهود والنصارى بيننا، وأخذ الجزية منهم؛ فرأيت في ذلك حكمًا عجيبةً: منها: ما قد ذكر أن الإسلام كان ضعيفًا، فتقوى بما يؤخذ من جزيتهم. ومنها: ظهور عزه بذلهم. إلى غير ذلك مما قد قيل.
ووقع لي فيه معنى عجيب، وهو أن وجودهم وتعبدهم، وحفظهم شرع نبيهم صلى الله عليه وسلم دليل على أنه قد كان أنبياء وشرائع، وأن نبينا صلى الله عليه وسلم ليس ببدع من الرسل؛ فقد اجتمعت الجن وهم على إثبات صانع، وإقرار برسل، فبان أننا ما ابتدعنا ما لم يكن. وهم يصبرون على باطلهم، ويؤدون الجزية، فكيف لا نصبر على حق، والدولة لنا، وفي بقائهم احترام لما كان صحيحًا من الدين، وليرجع متبصر، وليستعمل مفكر.
227- فصل: ينبغي للعالم أن يأخذ طرفًا من كل علم.
1043- قد ثبت بالدليل شرف العلم وفضله، إلا أن طلاب العلم افترقوا، فكل تدعوه نفسه إلى شيء: فمنهم من أذهب عمره في القراءات، وذاك تفريط في العمر؛ لأنه إنما ينبغي أن يعتمد على المشهور منها لا على الشاذ، وما أقبح القارئ يسأل عن مسألة في الفقه، وهو لا يدري! وليس ما شغله عن ذلك إلا كثرة الطرق في روايات القراءات!! ومنهم من يتشاغل بالنحو وعلله فحسب، ومنهم من يكتب الحديث، ويكثر، ولا ينظر في فهم ما كتب.
وقد رأينا في مشايخنا المحدثين من كان يسأل عن مسألة في الصلاة، فلا يدري ما يقول! وكذلك القراء! وكذلك أهل اللغة والنحو!
1044- وحدثني عبد الرحمن بن عيسى الفقيه، قال: حدثني ابن المنصوري، قال: حضرنا مع أبي محمد بن الخشاب[1]، وكان إمام الناس في النحو واللغة، [1] عبد الله بن أحمد: إمام في النحو، بلغ مرتبة أبي علي الفارسي "492-567هـ".
اسم الکتاب : صيد الخاطر المؤلف : ابن الجوزي الجزء : 1 صفحة : 322