responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : صيد الخاطر المؤلف : ابن الجوزي    الجزء : 1  صفحة : 32
13 فصل: التكليف أقسام.
32 تَفَكَّرْتُ يومًا في التكليف، فرأيته ينقسم إلى سهل وصَعْبٍ:
فأما السهل: فهو أعمال الجوارح؛ إلا أن منه ما هو أصعب من بعض، فالوضوء والصلاة أسهل من الصوم، والصوم ربما كان عند قوم أسهل من الزكاة.
وأما الصعب، فيتفاوت، فبعضها أصعب من بعض:
فمن المستصعب: النظر والاستدلال الموصلان إلى معرفة الخالق، فهذا صعب عند من غلبت عليه أمور الحس، سهل عند أهل العقل.
ومن المستصعب: غلبة الهوى، وقهر النفوس، وكف أكف الطباع عن التصرف فيما يؤثره، وكل هذا يسهل على العاقل النظر في ثوابه، ورجاء عاقبته، وإن شق عاجلًا.
33 وإنما أصعب التكاليف وأعجبها: أنه قد ثبتت حكمة الخالق عند العقل ثم يراه[1] يفقر المتشاغل بالعلم، المقبل على العبادة، حتى يعضه الفقر بناجذيه[2]، فيذل للجاهل في طلب القوت، ويغني الفاسق مع الجهل حتى تفيض الدنيا عليه[3].

[1] أي: يرى العقل الخالق.
[2] النواجذ: هي أبعة أضراس بعد الأرحاء، ويسمى ضرس الحلم؛ لأنه ينبت بعد البلوغ وكمال العقل. وتسميه العامة: أضراس العقل.
[3] العقل والعلم والإقبال على العبادة من النعم التي لا يعدلها مال؛ فهل يستوي هذا مع الجهل والغفلة، ولو أوتي الجاهل كنوز قارون؟ قال سفيان بن عيينة: من زيد في عقله نقص من رزقه، قلت: لأن العقل من الرزق كما قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه.
30 ومتى رأيت تكديرًا في حال، فاذكر نعمة ما شكرت، أو زلة قد فعلت.
31 واحذر من نفار النعم، ومفاجأة النقم، ولا تغترر بسعة بساط الحلم؛ فربما عجل انقباضه، وقد قال الله عز وجل: {إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ} "الرعد: 11".
وكان أبو علي الروذباري[1] يقول: من الاغترار أن تسيء، فيحسن إليك، فتترك التوبة توهمًا أنك تسامح في الهفوات.

[1] محمد بن أحمد بن القاسم، من كبار الصوفية، من أولاد الرؤساء والوزراء أصله من بغداد، سكن مصر، توفي سنة "322هـ".
اسم الکتاب : صيد الخاطر المؤلف : ابن الجوزي    الجزء : 1  صفحة : 32
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست