responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : صيد الخاطر المؤلف : ابن الجوزي    الجزء : 1  صفحة : 292
سبحان الله! ما يزهد إلا الثياب! أترى ما سمع قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن الله يحب أن يرى أثر نعمته على عبده"[1]؟!
927- وأعوذ بالله من رؤية النفس ورؤية الخلق: فإن من رأى نفسه، تكبر، والمتكبر أحمق؛ لأنه ما من شيء يتكبر به إلا ولغيره أكثر منه. ومن راءى الخلق، عبدهم وهو لا يعلم!
928- فأما العامل لله سبحانة وتعالى، فهو بعيد من الخلق؛ فإن تقربوا إليه، ستر حاله بما يوجب بعدهم عنه.
929- وقد رأينا من يرائي ولا يدري، فيمتنع من المشي في السوق، ومن زيارة الإخوان، ومن أن يشتري شيئًا بنفسه! وتوهمه نفسه أني أكره مخالطة السوقة!! وإنما هذا يربي جاهًا بين العلماء، إذ لو خالطهم، لامتُحِي جاهه، وبطل تقبيل يده!
930- وقد كان بشر الحافي يجلس في مجلس عند العطار، وأبلغ من هذا كله أن نبينا صلى الله عليه وسلم كان يشتري حاجته ويحملها.
وخرج علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وهو أمير المؤمنين إلى السوق، فاشترى ثوبًا.
931- وقد كان طلحة بن مصرف قارئ أهل الكوفة؛ فلما كثر الناس عليه، مشى إلى الأعمش[2]، فقرأ عليه، فمال الناس إلى الأعمش، وتركوا طلحة[3].
هذا والله الكبريت الأحمر [4] والإكسير[5]، لا ما يظن إكسيرًا في الكيمياء. والمعاملة مع الله تعالى هكذا تكون.

[1] رواه الترمذي "2819"، والحاكم "4/ 135"، وقال: صحيح الإسناد، ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي.
[2] طلحه بن مصرف: أبو محمد اليامي الإمام، الحافظ المقرئ، توفي سنة "112 هـ". وقد تصحف في الأصل إلى مطرف.
[3] سليمان بن مهران الكوفي: الإمام شيخ المحدثين والمقرئين "61-148هـ".
[4] الكبريت الأحمر يضرب بندرته المثل.
[5] الإكسير: شراب زعم الأقدمون أنه يطيل الأعمار، وأطلق أيضًا على حجر تعالج به المعادن الخسيسة فتتحول إلى ذهب.
اسم الکتاب : صيد الخاطر المؤلف : ابن الجوزي    الجزء : 1  صفحة : 292
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست