اسم الکتاب : صيد الخاطر المؤلف : ابن الجوزي الجزء : 1 صفحة : 257
800- هذه الإشارة إلى تدبير أمور الدنيا. فأما تدبير العلم، فينبغي أن يحمل الصبي من حين يبلغ خمس سنين على التشاغل بالقرآن والفقه وسماع الحديث، ولتحصل له المحفوظات أكثر من المسموعات؛ لأن زمان الحفظ إلى خمس عشرة سنة، فإذا بلغ، تشتت همته، فليضرب تارة، ويرشى أخرى، ليبلغ وقد حصل محفوظات سنيَّةً.
801- وأول ما ينبغي أن يكلف حفظ القرآن متقنًا؛ فإنه يثبت، ويختلط باللحم والدم، ثم مقدمة من النحو، يعرف بها اللحن، ثم الفقه مذهبًا وخلافًا، وما أمكن بعد هذا من العلوم، فحفظه حسن.
802- وليحذر من عادات أصحاب الحديث؛ فإنهم يفنون الزمان في سماع الأجزاء التي تتكرر فيها الأحاديث، فيذهب العمر، وما حصلوا فهم شيء! فإذا بلغوا سنًّا، طلبوا جواز فتوى أو قراءة جزء من القرآن، فعادوا القهقرى؛ لأنهم يحفظون بعد كبر السن، فلا يحصل مقصودهم. فالحفظ في الصبا للمهم من العلم أصل عظيم[1].
803- وقد رأينا كثيرًا ممن تشاغل بالمسموعات، وكتابة الأجزاء، ورأى الحفظ صعبًا، فمال إلى الأسهل، فمضى عمره في ذلك؛ فلما احتاج إلى نفسه، قعد يتحفظ على كبر، فلم يحصل مقصوده.
فاليقظة لفهم ما ذكرت، وانظر في الإخلاص، فما ينفع شيء دونه. [1] انظر: كتاب "لفتة الكبد إلى نصيحة الولد" للمؤلف الملحق بهذا الكتاب.
173- فصل: بادر موسم الزرع
804- اشتد الغلاء ببغداد في أول سنة خمس وسبعين[1]، وكلما جاء الشعير، زاد السعر، فتواقع[2] الناس على اشتراء الطعام. فاغتبط من يستعد كل سنة بزرع ما يقوته، وفرح من بادر في أول النسيان إلى اشتراء الطعام قبل أن يضاعف ثمنه، [1] أي: عام "575هـ". [2] اجتمع.
اسم الکتاب : صيد الخاطر المؤلف : ابن الجوزي الجزء : 1 صفحة : 257