اسم الکتاب : صيد الخاطر المؤلف : ابن الجوزي الجزء : 1 صفحة : 243
بلغها، فيلعلم أنه على شفير القبر، وأن كل يوم يأتي بعدها مستطرف[1].
750- فإن تمت له الثمانون، فيلجعل همته كلها مصروفة إلى تنظيف خلاله، وتهيئة زاده، وليجعل الاستغفار حليفه، والذكر أليفه، وليدقق في محاسبة النفس، وفي بذل العلم، أو مخالطة الخلق، فإن قرب الاستعراض للجيش يوجب عليه الحذر من العارض، وليبالغ في إبقاء أثره قبل رحيله، مثل بث علمه، وإنفاق كتبه، وشيء من ماله.
ويعد: فمن تولاه الله عز وجل علمه، ومن أراده ألهمه. نسأل الله عز وجل أن ينعم علينا بأن يتولانا، ولا يتولى عنا، إنه قريب مجيب. [1] المستطرف: المستفاد فهو كالغنيمة.
166- فصل: العادات غلبت على الناس
751- رأيت عادات الناس قد غلبت على عملهم بالشرع، فهم يستوحشون من فعل الشيء، لعدم جريان العادة لا لنهي الشرع!
فكم من رجل يوصف بالخير، يبيع ويشري، فإذا حصلت له القراضة[1]، باعها بالصحيح من غير تقليد لإمام، أو عمل برخصة، عادة من القوم، واستثقالًا للاستفتاء!
ونرى خلقًا يحافظون على صلاة الرغائب[2]، ويتوانون عن الفرائض.
752- وكثيرًا من المتصوفين لا يستوحشون من ظلم الناس، ثم يتصدقون على الفقراء، وربما توانوا عن إخراج الزكاة، وتكاسلوا باستعمال التأويلات فيها، ثم إذا حضر أحدهم مجلس وعظ، بكى، كأنه يصانع بتلك الحال. ومنهم: من يخرج بعض الزكاة مصانعة عمَّا لم يخرجه. ومنهم: من يعلم أن أصل ماله حرام، ويصعب عليه فراقه للعادة. وفيهم: من يحلف بالطلاق، ويحنث، ويرى الفراق صعبًا، فربما [1] القراضة: الدراهم أوالدنانير المكسورة، والصحيح غير المكسور. [2] صلاة الرغائب: صلاة مبتدعة تصلى في أول ليلة جمعة من رجب.
اسم الکتاب : صيد الخاطر المؤلف : ابن الجوزي الجزء : 1 صفحة : 243