responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : صيد الخاطر المؤلف : ابن الجوزي    الجزء : 1  صفحة : 180
534- وليس إلا المداراة للخلق، والاحتراز منهم، واتخاذ المعارف من غير طمع في صديق صادق، فإن ندر، فليكن غير مماثل؛ لأن الحسد إليه أسبق، وليكن مرتفعًا عن رتبة العوام، غير طامع في نيل مقامك.
535- وإن كانت معاشرة هذا لا تشفي؛ لأن المعاشرة ينبغي أن تكون بين العلماء المجانس؛ فلزمهم من الإشارات في المخالطة ما تطيب به المجالسة، ولكن لا سبيل إلى الوصال.
536- ومثل هذه الحال أنك إن استخدمت الأذكياء، عرفوا باطنك، وإن استخدمت البله، انعكست مقاصدك. فاجعل الأذكياء لحوائجك الخارجة، والبله لحوائجك في منزلك، لئلا يعلموا أسرارك، واقنع من الأصدقاء بمن وصفته لك، ثم لا تلقه إلا متدرعًا درع الحذر، ولا تطلعه على باطن يمكن أن يستر عنه، وكن كما يقال عن الذئب:
ينام بإحدى مقلتيه وَيَتَّقِي ... بأخرى الأعادي، فهو يقظان هاجِعُ

113- فصل: من أحسن فيما مضى يحسن فيما بقي
537- رأيت جماعة ممن أفنى أوائل عمره وريعان شبابه في طلب العلم، يصبر على أنواع الأذى، وهجر فنون الراحات، أنفة من الجهل ورذيلته، وطلبًا للعلم وفضيلته، فلما نال منه طرفًا رفعه عن مراتب أرباب الدنيا، ومن لا علم له إلا بالعاجل، ضاق به معاشه، [أو قل ما ينشده لنفسه من حظوظ] ، فسافر [في] البلاد، يطلب من الأراذل، ويتواضع للسفلة وأهل الدناءة والمكاس[1]. وغيرهم!
538- فخاطبت بعضهم، وقلت: ويحك! أين تلك الأنفة من الجهل، التي سهرت لأجلها، وأظمأت نهارك بسببها؟! فلما ارتفعت وانتفعت، عدت إلى أسفل سافلين! أفما بقي عندك ذرة من الأنفة تنبؤ بها عن مقامات الأراذل؟! ولا معك يسير من العلم يسير بك عن مناخ الهوى؟! ولا حصلت بالعلم قوة تجذب بها زمام النفس

[1] المكاس: العشار أو الجابي، وذلك لكثرة سلبهم لأموال الناس دون وجه حق.
اسم الکتاب : صيد الخاطر المؤلف : ابن الجوزي    الجزء : 1  صفحة : 180
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست