responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : صيد الخاطر المؤلف : ابن الجوزي    الجزء : 1  صفحة : 157
92- فصل: البدار البدار قبل الفوات
456- رأيت عموم الخلائق يدفعون الزمان دفعًا عجيبًا: إن طال الليل، فبحديث لا ينفع، أو بقراءة كتاب فيه غزاة وسمر! وإن طال النهار، فبالنوم! وهم في أطراف النهار على دجلة أو في الأسواق! فشبهتهم بالمتحدثين في سفينة، وهي تجري بهم، وما عندهم خبر!
457- ورأيت النادرين قد فهموا معنى الوجود، فهم في تعبئة الزاد، والتأهب للرحيل، إلا أنهم يتفاوتون، وسبب تفاوتهم قلة العلم وكثرته، بما ينفق في بلد الإقامة[1]، فالمتيقظون منهم يتطلعون إلى الأخبار بالنافق هناك، فيستكثرون منه، فيزيد ربحهم، والغافلون منهم يحملون ما اتفق، وربما خرجوا لا مع خفير[2]، فكم ممن قد قطعت عليه الطريق فبقي مفلسًا!
فالله الله في مواسم العمر! والبدار البدار قبل الفوات! واستشهدوا العلم، واستبدلوا الحكمة، ونافسوا الزمان، وناقشوا النفوس، واستظهروا بالزاد، فكان قد حَدَا الحادي، فلم يفهم صوته من وقع دمع الندم.

[1] بلد الإقامة: الآخرة.
[2] الخفير: الحارس.
أقوامًا أطلقوها فيما تحب، فأوقعتهم فيما كرهوا، وإن أقوَامًا بالغوا في خلافها، حتى منعوها حقَّهَا، وظلموها، وأثر ظلمهم لها في تعبداتهم، فمنهم: من أساء غذاءها، فأثر ذلك ضعف بدنها عن إقامة واجبها، ومنهم: من أفردها في خلوة، أثمرت الوحشة من الناس، وآلت إلى ترك فرض أوفضل، من عيادة مريض، أو بر والدة.
وإنما الحازم من تعلم منه نفسه الجد وحفظ الأصول، فإذا فسح لها في مباح، لم تتجاسر أن تتعداه، فيكون معها كالملك إذا مازح بعض جنده، فإنه لاينبسط إليه الغلام، فإن انبسط، ذكر هيبة المملكة. فكذلك المحقق، يعطيها حظها، ويستوفي منها ما عليها.
اسم الکتاب : صيد الخاطر المؤلف : ابن الجوزي    الجزء : 1  صفحة : 157
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست