26ـ حسن الخلق يستر العيوب:
فقد يبتلى المرء بكثير من الآفات والعيوب الخلقية من دمامة ونحوها، مما يجعله عرضة للذم، وغرضا للسخرية من بعض الناس.
ولكن ذلك لا يقصره عن مجد، ولا يقعد به عن سؤدد، وذلك إذا رزق بخلق حسن، وعقل راجح.
فحسن الخلق يغطي غيره من القبائح، كما أن سوء الخلق يقبح غيره من المحاسن1
فهذا الأحنف بن قيس الذي سارت بأخباره الركبان كان من أقبح الناس خلقة؛ فما من خصلة ذم إلا وهي موجودة فيه.
ومع ذلك بلغ ما بلغ من المجد والسؤدد بحلمه، وشجاعته، وحسن خلقه، وروعة بيانه.
"روى الهيثم بن عدي عن أبي يعقوب الثقفي عن عبد الملك بن عمير، قال: قدم علينا الأحنف بن قيس الكوفة مع مصعب بن الزبير، فما رأيت خصلة تذم في رجل إلا وقد رأيتها فيه، كان صعل الرأس[2]، أحجن[3] الأنف، أغضف[4]الأذن، متراكب الأسنان، أشدق[5] مائل الذقن، ناتئ الوجنة، باخق[6] العين، خفيف
1 انظر: الأقوال المأثورة، ص 234. [2] صعل الرأس: دقيقه. [3] أحجن: الحجن: اعوجاج الشيء، وأحجن الأنف مقبل الروثة نحو الفم. [4] أغضف: مسترخ. [5] الأشدق: الشدق المائلة. [6] البخق: أن تخسف العين بعد العور، والبخق أقبح ما يكون من العور، وأكثر غمصا.