وينتقصهم، ولا يراهم إلا هملا مضاعا، أو لقى مزدرى، فلا يسلم عليهم إذا مر بهم، ولا يرد عليهم السلام إذا سلموا، بل ربما مد أحد العمال يده؛ ليسلم عليه، فيشيح بوجهه عنه، ويتركه مادا يده بلا رد.
فكم في هذا العمل من كسر لنفس هذا المسكين.
ومن الناس من يحملهم ما لا يطيقون، ويؤخر رواتبهم لمدة طويلة، ويحسم من رواتبهم عند أدنى هفوة أو زلة.
وهذا الأمر لا يصدر من ذي خلق ودين ومروءة.
قال ابن حزم ـ رحمه الله ـ "واعلم أن التعسف، وسوء الملكة لمن خولك الله ـ تعالى ـ أمره من رقيق أو رعية يدلان على خساسة النفس، ودناءة الهمة، وضعف العقل؛ لأن العاقل الرفيع النفس، العالي الهمة إنما يغلب أكفاءه في القوة، ونظراءه في المنعة.
وأما الاستطالة على من لا يمكنه المعارضة فسقوط في الطبع، ورذالة في النفس والخلق، وعجز ومهانة.
ومن فعل ذلك فهو بمنزلة من يتبجح بقتل جرذ، أو بقتل برغوث، أو بفرك قملة، وحسبك بهذا ضعة وخساسة"[1].
34ـ سوء الأدب من بعض الخدم والعمال:
فكما أن هناك تقصيرا في حق الخدم والعمال ـ كما مر ذكره ـ فكذلك هناك تقصير من بعض الخدم والعمال.
فمنهم من إذا أكرمه رئيسه أو كفيله، فرق لحاله، وأحسن إليه، [1] الأخلاق والسير، ص 73.