- إن هؤلاء الجيران لا يكفون عن مثل هذه الأمور التي تثير السخط، فتارة يبعثون لنا بشيء لا قيمة له وأخرى بطعام قليل و. . . ولم تكمل حديثها إذ قاطعها والدها بهدوء وحزم قائلا:
- اصمتي يا سلمى، وأنت يا خالد اذهب بالإناء إلى المطبخ وضعه في الثلاجة كما أمرتك والدتك وعد هنا على عجل. . هيا. .
عاد خالد وأخذ مكانه وبدأ الأب حديثه وهو ينظر إلى ابنته سلمى قائلا بشيء من التأنيب [1] .
- تعلمون يا أبنائي كيف هي الطريقة التي ربيتكم عليها والنهج الذي ارتضيته نبراسا [2] لكم. . وتعلمون كيف كنت رفيقًا بكم غير زاجر ولا معنف، وإنما كنت آخذكم بالموعظة [3] الحسنة، ولم أكن فظا [4] غليظ القلب معكم، وما قصرت في أمر من أموركم، وزرعت فيكم حب الله وحب رسوله صلى الله عليه وسلم وحب الناس والتودد إليهم، والآن أخبروني هل كان لأختكم سلمى الحق فيما قالته؟
أجاب أنس قائلا: [1] الملامة بعنف. [2] مصباحا، ويقال: اتخذ منه نبراسا أي: اتخذه قدوة ومثالا. [3] من الوعظ أي: الإرشاد والنصح. [4] غليظا سيئ الخلق خشن الكلام.