- لم يكن يا والدي في حديث سلمى أي شيء يبعث على الغضب، فهي رأت أن الطعام كان قليلا وقالت ما رأته وهو كذلك، فما الذي أغضبك من قولها يا والدي؟
أجاب الأب بصوت أشد حزما مما بدأ به قائلا:
- وأنت أيضا يا أنس لا ترى بأسا فيما قالته أختك! ! . . وتابع قائلا موجها حديثه لجميع أبنائه:
- إن هذا الطعام هدية من جيراننا لا بد من شكرهم عليها وما كان ينبغي لنا أن نقلل من شأن هذه الهدية أو أن نسخر منها، وإلا لكان في هذا استهانة بحقوق الجار ولذلك فإن استخفاف [1] أختكم سلمى بهدية جيراننا هو نوع من التقصير في حق الجوار.
والتقطت أم أنس دفة الحديث وتابعت حديث زوجها قائلة:
- يا أبنائي، إن للجار علينا حقوقا كثيرة، ومن هذه الحقوق كما ذكر والدكم عدم التقليل من شأنه أو من شأن ما يقدمه لنا، بل نشكر حرصه على تبادل الهدية معنا مهما صغرت هذه الهدية، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يا نساء المسلمات لا تحقرن جارة لجارتها ولو فرسن شاة» [2] . وهنا تساءلت سلمى قائلة وقد اعتراها الخجل مما [1] استهانة. [2] متفق عليه، رواه البخاري في صحيحه أول كتاب الهبة، ص 201، الجزء الثالث من كتاب الأدب، الجزء الثامن ص 12.