responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : دستور الأخلاق في القرآن المؤلف : دراز، محمد بن عبد الله    الجزء : 1  صفحة : 627
إلى من كلفتهم السماء بهدايتنا، إن عصمة هؤلاء الرجال، في الواقع، وفي الشرع، يجب ألا تكون موضع شك، لسبب جد بسيط، هو أننا على سبيل الافتراض يجب أن نقتدي بهم، والمعصية التي قد يقعون فيها ربما يقر في أذهاننا حينئذ أنها صارت "واجبًا" ولم تعد من قبيل "المحرم".
أما الأصفياء الذين لم يكلفوا برسالة إلى الناس، فعلى الرغم من أن عصمتهم ليست ثابتة "شرعًا" فإنها توجد في "الواقع" بصفة عامة. وإذا كان يحدث لهم أن يذنبوا، فما ذلك إلا على سبيل الندرة والشذوذ، الذي يحدث نتيجة نسيان، أو غفلة، بحيث منع ذلك مؤقتًا ضميرهم من أن يمارس وظيفته العادية، ولكنهم سرعان ما يرجعون إلى صوابهم، وفي ذلك يقول الله سبحانه: {وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ} [1]، {إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ فَأُولَئِكَ يَتُوبُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ} [2].
فأما إذا أخذنا كلمة "المعصية" بطريقة أخرى، وحملناها على معنى لطيف، لا يعني سوى تأخير قليل، وتوقف مؤقت طارئ، في استيعاب القيم، فإن المعصية بهذا المعنى تتمثل في أن يأخذ القديس بحل حسن، أو حتى ممتاز في نظره، ومع ذلك، فإن هناك حلًّا آخر، ربما كان أفضل في الواقع. وعندما ينكشف له هذا الحل الأفضل أخيرًا، فإن الأسى والندم الذي يجده في نفسه حينئذ، يعدل ما يستشعره الرجل الصالح بعد أن يرتكب كبيرة.
وبهذا المعنى، اعتاد المفسرون أن يشرحوا لنا ألفاظًا مثل: "العصيان"

[1] آل عمران: 135.
[2] النساء: 17.
اسم الکتاب : دستور الأخلاق في القرآن المؤلف : دراز، محمد بن عبد الله    الجزء : 1  صفحة : 627
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست