اسم الکتاب : دستور الأخلاق في القرآن المؤلف : دراز، محمد بن عبد الله الجزء : 1 صفحة : 628
في قوله تعالى: {وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ} [1]، و"الظلم" في قوله تعالى: {إِلَّا مَنْ ظَلَمَ ثُمَّ بَدَّلَ حُسْنًا بَعْدَ سُوءٍ} [2]، و"الذنب" في قوله: {لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ} [3]، وهي ألفاظ يصف بها القرآن أحيانًا الأنبياء، ولم ينج منها رسول الإسلام محمد, صلى الله عليه وسلم.
وهذه الألفاظ كلها، وهي التي تعني حين يوصف بها عامة الناس أشد الذنوب نكرًا، هي هنا ذات معنى بالغ اللطف، كالنسيان: {فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْمًا} [4]، والخطأ: {لِمَ أَذِنْتَ لَهُمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَتَعْلَمَ الْكَاذِبِينَ} [5]، أو حتى مجرد الانعكاس الطبيعي: {إِنِّي لا يَخَافُ لَدَيَّ الْمُرْسَلُون} [6]، وهذه كلها أمور لا معنى لها في نظر العامة، ولكنها تتعرض لنوع من التضخيم في ضمير الصفي. ولقد قيل دائمًا بحق: "إن النبل ملزم" "noblesse oblige".
والواقع أن القرآن يعملنا أن ذنوب الكبار ضعف ذنوب الآخرين: {يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ مَنْ يَأْتِ مِنْكُنَّ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ يُضَاعَفْ لَهَا الْعَذَابُ ضِعْفَيْنِ} [7]، {يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ} [8]، على حين أن الذين يجاهدون حتى لا يقعوا في الكبائر تغفر لهم الصغائر برحمة من الله: {إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ} [9]، {الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ إِلَّا اللَّمَمَ إِنَّ رَبَّكَ وَاسِعُ الْمَغْفِرَةِ} [10]. [1] طه: 121. [2] النحل: 11. [3] الفتح: 2. [4] طه: 115. [5] التوبة: 43. [6] النمل: 10. [7] الأحزاب: 30. [8] الأحزاب: 32. [9] النساء: 31. [10] النجم: 32.
اسم الکتاب : دستور الأخلاق في القرآن المؤلف : دراز، محمد بن عبد الله الجزء : 1 صفحة : 628