responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : بهجة المجالس وأنس المجالس المؤلف : ابن عبد البر    الجزء : 1  صفحة : 247
وذوو التفاضل في المجا ... لس والترفل في الحلل
قال عمر بن عبيد للمنصور: إن الله قد وهب لك الدنيا بأسرها، فاشتر نفسك منه ببعضها.
كتب الحسن البصري إلى عمر بن عبد العزيز: خف ما خوفك الله يكفك ما خوفك الناس، وخذ مما في يديك لما بين يديك، فعند الموت يأتيك الخبر اليقين.
قال الحسن بن أبي الحسن، وقد نظر إلى الناس يلعبون ويضحكون في يوم العيد: إن الله قد جعل شهر رمضان مضمار الخلق، يستبقون فيه لطاعته إلى مرضاته، فالعجب من الضاحك واللاعب في اليوم الذي يفوز فيه المحسنون، ويخسر فيه المبطلون، أما والله لو كشف الغطاء لشغل محسن بإحسانه، ومسيء بإساءته عن تجديد ثوب أو ترجيل شعر.
وقال منصور الفقيه:
أتلهو وقد ذهب الأطيبان ... وأنذرك الشيب قرب الأجل
كأنك لم تر حياً يموت ... ولم تر ميتاً على مغتسل
كان بعض الحكماء يقول: لئن كانت الحظوظ بالجدود فما الحرص، وإن كانت الأيام ليست بدائمةٍ فما السرور، وإن كانت الدنيا غرارة فما الطمأنينة.
قال أحمد بن زهير: سمعت مصعب بن عبد الله الزبيري يقول: أبو العتاهية أشعر الناس، فقلت: بأي شيءٍ استحق ذلك عندك؟ فقال: بقوله:
تعلقت بآمالٍ ... طوالٍ أي آمال
وأقبلت على الدنيا ... ملحاً أي إقبال
أيا هذا تجهز ل ... فراق الأهل والمال
فلابد من الموت ... على حالٍ من الحال
ثم قال مصعب: هذا كلام حق لا حشو فيه ولا نقصان، يعرفه العاقل، ويقر به الجاهل.
قال عمر بن عبد العزيز: خلقنا لأمر إن كنا نؤمن به إنا لحمقى، وإن كنا تكفر به إنا لهلكي.
قال أبو العتاهية:
أتطمع أن تخلد لا أبا لك ... أمنت قوى المنية أن تنالك
أما والله إن لها رسولا ... أقسم لو أتاك لما أقالك
توقع حيث كنت نزول يومٍ ... يشتت بعد جمعهم عيالك
كأني بالتراب عليك يحثى ... وبالباكين يقتسمون مالك
ولست بحاملٍ منه نقيراً ... ولا متزوداً إلا فعالك
قال داود الطائي: من خاف الوعيد قصر عليه البعيد، ومن طال أمله قصر عمله.
وقال سابق البربري:
أين الملوك التي عن خطبها غفلت ... حتى سقاها بكاس الموت ساقيها
نرجو ونأمل أياماً تعد لنا ... سريعو المر تطوينا ونطويها
أموالنا لذوي الميراث نجمعها ... ودارنا لخراب الدهر نبنيها
قال ميمون بن مهران: دخلت على عمر بن عبد العزيز يوماً، وعنده سابق البربري ينشده شعراً، فكان مما حفظت منه:
فكم من صحيحٍ بات للموت آمناً ... أتته المنايا بغتةً بعد ما هجع
فلم يستطع إذ جاءه الموت بغتةً ... فراراً ولا منه بحيلةٍ امتنع
ولا يترك الموت الغنى لماله ... ولا معدماً في المال ذا حاجةٍ يدع
وقال مصبح الأسدي:
كفى خيبةً بالمرء يا أم مالكٍ ... ركوب المعاصي عامداً واحتقارها
وقال محمود الوراق:
دب في السقام سفلا وعلوا ... وأراني أموت عضواً فعضوا
لهف نفسي على ليال وأيا ... مٍ تمليتهن لعباً ولهوا
بليت جدتي بطاعة نفسي ... وتذكرت طاعة الله نضوا
ويروى لمنصور الفقيه:
إذا لم يكن لك في المحكمات ... وفي الموت ناه عن المنكرات
فلا تغدون إلى واعظٍ ... فلست بمنتفع بالعظات
وقال أيضاً:
من لم تعظه المنايا ... ولم يعظه الكتاب
فليس ينجع فيه ... فلا تعن عتاب
الحسن بن هانئ، ويروى لأبي العتاهية:
وعظتك أجداث صمت ... ونعتك أزمنة خفت
وأرتك قبرك في القبو ... ر وأنت حي لم تمت
وتكلمت عن أوجهٍ ... تبلي وعن صورٍ شتت
وقال محمود الوراق:
حياتك أنفاس تعد وكلما ... مضى نفس منها انتقصت به جزءا
فتصبح في نقصٍ وتمسى بمثله ... وما لك معقول تحس به رزءا

اسم الکتاب : بهجة المجالس وأنس المجالس المؤلف : ابن عبد البر    الجزء : 1  صفحة : 247
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست