اسم الکتاب : بستان العارفين المؤلف : النووي، أبو زكريا الجزء : 1 صفحة : 53
وقال الشافعي رضي الله تعالى عنه من أحب أن يفتح الله قلبه ويرزقه العلم فعليه بالخلوة وقلة الأكل وترك مخالطة السفهاء وبعض أهل العلم الذين ليس معهم إنصاف ولا أدب. وقال الشافعي رضي الله تعالى أنفع الذخائر التقوى وأضرها العدوان. وقال الشافعي رضي الله تعالى عنه ورحمه أفضل الأعمال ثلاثة ذكر الله تعالى ومواساة الأخوان وإنصاف الناس من نفسك: يعني هذه الثلاثة من أفضل الأعمال. وقال الشافعي رحمه الله لا يعرف الرياء إلا مخلص. يعني لا يتمكن في معرفة حقيقته والاطلاع على غوامض خفياته إلا من أراد الإخلاص فإنه يجتهد أزمانا في مطاولة البحث والفكر والتنقيب عنده حتى يعرفه أو يعرف بعضه ولا يحصل هذا لكل أحد وإنما يحصل هذا للخواص. وأما من يزعم من آحاد الناس أنه يعرف الرياء فهو جهل منه بحقيقته.
وسأذكر في هذا الكتاب بابا إن شاء الله تعالى ترى فيه من العجائب ما تقر به عينك إن شاء الله تعالى، ويكفي في شدة خفائه ما رويناه عن الأستاذ الإمام أبي القاسم القشيري رحمه الله في رسالته بإسنادنا المتقدم عنه قال سمعت محمد بن الحسين يقول سمعت أحمد بن علي بن جعفر يقول سمعت الحسن بن علوية يقول قال أبو يزيد رضي الله تعالى عنه كنت ثنتي عشرة سنة حداد نفسي وخمس سنين كنت مرآة قلبي وسنة أنظر فيما بينهما فإذا في وسطي زنار ظاهر فعملت في قطعه ثنتي عشرة سنة ثم نظرت فإذا في باطني زنار فعملت في قطعه خمس سنين أنظر كيف أقطع فكشف لي فنظرت إلى الخلق فرأيتهم موتى فكبرت عليهم أربع تكبيرات.
قلت يكفي في شدة خفاء الرياء اشتباهه هذا الاشتباه على هذا السيد الذي عز نظيره في هذا الطريق وأما قوله فرأيتهم موتى فهو في غاية من النفاسة
اسم الکتاب : بستان العارفين المؤلف : النووي، أبو زكريا الجزء : 1 صفحة : 53