اسم الکتاب : أهداف التربية الإسلامية المؤلف : ماجد عرسان الكيلاني الجزء : 1 صفحة : 229
في نفسه آيات الوحي في الكتاب مع آيات الله في الآفاق، والأنفس في مختبرات العلم، ويتظافر القسمان لاستخراج معجزات العصر، وبذلك يولد اليقين وتتجسد صلاحية القرآن لكل زمان ومكان.
ولعل من متطلبات التأصيل المقترح أن تقوم المؤسسات التربوية المنشودة بمراجعة شاملة جريئة للأساليب التربوية الموروثة، إذ يشير النظر في تاريخ التربية الإسلامية إلى أن هذا التاريخ شاهد طريقتين لإخراج الأفراد المؤمنين، الأولى: طريقة الرسول -صلى الله عليه وسلم- وامتداداتها على أيد أصحابه في العصر الراشدي، والتي كان من ثمارها إخراج أمة مسلمة حملت رسالة الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر والإيمان بالله. والثانية: طريقة القولبة المذهبية التي كان من ثمارها انقسام الأمة الإسلامية القائمة إلى الفرق، ومذاهب تتجادل وتتناحر، وكل يدعي احتكار الإيمان، ويتبادل مع الآخرين قذائف التفسيق والتكفير.
وتقوم -الطريقة الأولى- على تدبر أفعال الله وسننه وقوانينه في الخبرات الفعلية التي كان الرسول، والذين معه يمرون بها يوميا في قلب الاجتماع الإنساني، وشبكة العلاقات الاجتماعية القائمة في ميادين الفكر والثقافة والاجتماع والسياسة، والاقتصاد وشئون الحرب والسلم وغيرها في ضوء توجيهات الوحي المتدرجة المتتابعة. أي أن هذه الطريقة كانت تتكامل فيها التوجيهات التربوية مع التطبيقات العملية، وتهيئ لآيات الوحي أن تتفاعل في نفس المتعلم مع آيات الآفاق، والأنفس في تجارب عملية يكون من ثمراتها حصول "اليقين" ثم "الإيمان". وفي إطار هذا التوجه تنزل مفهوم الإيمان وتحددت محتوياته، ومعادلاته العملية في حياة الأفراد المؤمنين.
فـ"الإيمان بالله" جاء ليعرف -إنسان التربية الإسلامية- بانفراد الله في تربية العوالم كلها، وإرشاد هذا الإنسان إلى سننها وعلاقاتها، والتعامل معها لما فيه بقاء الإنسان ورقيه. وبناء على ذلك طالب المؤمنين بالتزكي من صنمية العصر التي تمركزت في -صنمية الأنداد- الذين يزعمون القدرة على
اسم الکتاب : أهداف التربية الإسلامية المؤلف : ماجد عرسان الكيلاني الجزء : 1 صفحة : 229