اسم الکتاب : المشوق إلى القراءة وطلب العلم المؤلف : العمران، علي الجزء : 1 صفحة : 116
وهاهنا يُنبَّه إلى أمور:
1 - لابُد من الموازنة والمزاوجة بين أخذ العلم من الكتب وأخذه من العلماء، فإن العلم وإن كان موْدعًا في بطون الكتب، إلا أن مفاتِحَهُ بأيدي الرجال، كما في المقولة المشهورة [1] .
فلا أقلَّ من أخذ مختصر في كلِّ علمٍ على عالم به متخصِّص فيه [2] ، فبعد أن يُحَصِّل الطالب قاعدةَ الفن وأصوله [3] ، فَلْيَبْنِ عليه حينئذٍ، مع التدرُّج والترقِّي بالقراءة في مطوَّلاته وشروحه، وليحرص مع ذلك كلِّه على مُسَائلَةِ أهل الفن ومذاكرتهم، فإنه كما قال الإمام النووي ((مذاكرة حَاذِقٍ في الفنِّ ساعةَ أنفع من المطالعة والحفظ ساعاتٍ بل أيَّامًا)) [4] .
ولا ينبغي للطالب أن يبالغ في مقدار القراءة والأخذ عن الشيوخ ليقيسَ نفسَه بما سلف من العصور، إذ كان الشيخ والطالب في تفرُّغ تَامّ للقراءة والإقراء، مع قطع العلائق والعوائق، وتمام الأهلية من الجهتين، [1] ذكر الشاطبي في ((الموافقات)) : (5/ 53) عن الجرمي أنه قال: ((أنا منذ ثلاثين سنة أفتي الناس في الفقه من ((كتاب سيبويه)) اهـ. وانظر شرح الشاطبي لهذا القول. [2] ((الموافقات)) : (1/ 140) ، وفي ((السير)) : (7/ 114) في ترجمة الأوزاعي قال: ((كان هذا العلم كريمًا، يتلاقاه الرّجال بينهم، فلما دخل في الكتب، دخل فيه غير أهله)) . وانظر شرح الذهبي لها. [3] أَخْذ العلم على المتخصِّص فيه هو الأولى والأسْلَم، ولا تصدِّق إذا قيل لك: إن فلانًا متخصِّص في كلِّ فنّ أو في أغلب الفنون! هذا في القدماء، وفي المُحْدَثين أولى وأحرى، ومن يدّعي المعرفة بجميع الفنون فأحد رجلين، إما منادٍ على نفسِه بالجهالة، أو لا يدري ما التخصّص!!. [3] وهو ما عبَّر عنه الشاطبي بقوله: ((أن يحصل له من فَهْم مقاصد ذلك العلم المطلوب، ومعرفة اصطلاحات أهله، ما يتمّ له به النظر في الكتب)) اهـ ((الموافقات)) : (1/ 147) . [4] ((شرح مسلم)) : (1/ 48) .
اسم الکتاب : المشوق إلى القراءة وطلب العلم المؤلف : العمران، علي الجزء : 1 صفحة : 116