اسم الکتاب : التربية الإسلامية أصولها وتطورها في البلاد العربية المؤلف : مرسي، محمد منير الجزء : 1 صفحة : 77
10- التربية الإسلامية تربية محافظة مجددة:
التربية الإسلامية تربية محافظة مجددة، فهي محافظة بما تقوم عليه من مبادئ سماوية راسخة ثابته، وقيم أصيلة عريقة تمتد بجذورها في التاريخ إلى ما يقرب من خمسة عشر قرنا من الزمان. وتعمل التربية الإسلامية على استمرار هذه المبادئ والتقاليد والقيم ونقلها إلى الأجيال الإسلامية المتعاقبة، وهي تقوم بهذا الدور الأصيل للتربية في التنشئة الاجتماعية للأفراد وتشكيل شخصياتهم الإنسانية الإسلامية ليشبوا مسلمين. ولكن التربية الإسلامية ليست تربية محافظة فحسب، وإنما هي تربية مجددة ... فالإسلام صالح لكل زمان ومكان، والمسلمون تتجدد أحوالهم بتجدد ظروف هذا الزمان والمكان، ولذلك كان على التربية الإسلامية أن تكون متجددة لتواجه متطلبات العصر ولتفي بالمطالب المتجددة لحاجات المسلمين ومصالحهم على مر العصور والأزمان.
وقد سبق أن أشرنا إلى قول علي بن أبي طالب: "علموا أولادكم خير ما تعلمتم فإنهم خلقوا لزمان غير زمانكم".
ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم قوله: "لا تسترضعوا الورهاء" أي الحمقاء. ويقول ابن سينا "فإذا فطم الصبي عن الإرضاع بدئ بتأديبه ورياضته قبل أن تهجم عليه الأخلاق اللئيمة، وتفاجئه الشيم الذميمة ... فإن الصبي تبادر إليه مساوئ الأخلاق وتنثال عليه الضرائب الخبيثة فما تمكن منه من ذلك غلب عليه فلم يستطع له مفارقة ولا عنه نزوعا ... فينبغي لمعلم الصبي أن يجنبه مقابح الأخلاق وينكب عنه معايب العادات بالترغيب والترهيب بالإيناس والإيحاش وبالإعراض والإقبال وبالحمد مرة وبالتوبيخ أخرى ما كان كافيا" "ابن سينا: كتاب السياسة ص12". وقد اهتم المربون المسلمون بضرورة مراعاة التدرج في التعليم، ويقول الغزالي في ذلك:
إن أول واجبات المربي أن يعلم الطفل ما يسهل عليه فهمه لأن الموضوعات الصعبة تؤدي إلى ارتباكه العقلي وتنفره من العلم. ويطالب الغزالي المعلم ألا يخوض في العلم دفعة واحد بل يتدرج فيه مع مراعاة الترتيب، ويبتدئ بالأهم وكذلك ينبغي عليه ألا يخوض في علم إلا بعد أن يستوفي ما قبله فالعلوم مرتبة ترتيبا ضروريا وبعضها طريق بعض. ويشاركه في ذلك ابن سحنون والماوردي وابن خلدون وغيرهم من المربين المسلمين.
اسم الکتاب : التربية الإسلامية أصولها وتطورها في البلاد العربية المؤلف : مرسي، محمد منير الجزء : 1 صفحة : 77