اسم الکتاب : التربية الإسلامية أصولها وتطورها في البلاد العربية المؤلف : مرسي، محمد منير الجزء : 1 صفحة : 422
بأوربا من خلال الروابط الكنسية والدينية وكان في مقدمة النتائج التي ترتبت على ذلك تعريب الكنائس المسيحية العربية واستخدام اللغة العربية في الصلوات والطقوس والترانيم الكنسية.
وهكذا دخلت فكرة القومية العربية إلى البلاد العربية في القرن التاسع عشر فقط على يد المسيحيين العرب. وقبل هذا القرن لم يكن لهذا المصطلح وجود بل إن شيوع استخدامه في العربية يرجع إلى هذا التاريخ الحديث. ومن هنا أيضا نكرر القول بأن فكرة القومية هي فكرة غريبة عن الثقافة العربية والإسلامية وتعتبر دخيلا عليها على الرغم من الترويج الكبير الذي تحمس له الكثيرون في السنوات الأخيرة، وقد ترتب على ذلك وجود كثير من الدعاوي التي أحدثت البلبلة في العقول واختلطت الأمور أمام أعين الكثيرين حتى المفكرين منهم لدرجة أننا نجد عالما مسلما كبير مثل ساطع الحصري على ما له من أفضال علمية كبيرة يؤلف كتابا بعنوان له معناه هو "العروبة أولا". إن الإسلام ينبغي أن يفهم لا على أنه دين فحسب، إنه نظام حياة اجتماعية تشمل المسلمين والمسيحيين على السواء باعتراف المنصفين من المسيحيين أنفسهم.
ويقول منيف الرزاز في كتابه "معالم الحياة العربية الجديدة": إن المسيحيين العرب لم يكتسبوا صفتهم العربية إلا من خلال الإسلام فمن أين جاءهم اللسان العربي المبين الذي يتحدثون به ويكتبون ويؤلفون به؟ وعندما نقول اللسان فإننا نعني بذلك ما يرتبط باللغة من فكر ومعان باعتبارها الوعاء الثقافي وليست مجرد كلمات أو وسيلة للاتصال. يضاف إلى ذلك أن التراث المسيحي نفسه جزء لا يتجزأ من تراث الإسلام.
وهكذا ينبغي أن نفهم الإسلام على أنه ثقافة تتكامل في جوانبها المختلفة تقوم في أساسها على اللغة العربية، وهو بهذا ينسحب على المسلمين وغيرهم على السواء ما داموا يعيشون على أرض وطن واحد يجمعهم انتماء مصيري يربط بينهم.
السياسة التعليمية العثمانية في البلاد العربية:
قامت السياسة التعليمية التي اتبعتها السلطات التركية العثمانية في
اسم الکتاب : التربية الإسلامية أصولها وتطورها في البلاد العربية المؤلف : مرسي، محمد منير الجزء : 1 صفحة : 422