اسم الکتاب : التربية الإسلامية أصولها وتطورها في البلاد العربية المؤلف : مرسي، محمد منير الجزء : 1 صفحة : 421
دخول الفكرة القومية إلى العرب تحت عاملين رئيسيين:
أولهما: سياسة التمييز الديني التي اتبعتها الخلافة التركية الإسلامية بين العرب والمسلمين وبناء على هذه السياسية عاملت تركيا غير المسلمين معاملة الأقليات الأجنبية. وعلى الرغم من الاعتراض الذي يمكن أن يوجه لهذه السياسة فإن المسيحيين العرب تمتعوا بميزات لم يكن يحظى بها إخوانهم من المسلمين العرب، وهي حقهم في إنشاء المدارس الخاصة بهم التي كانت تعلم باللغة العربية. هذا في حين أن المسلمين العرب كانوا تائهين في ظل النظام التركي الذي فرض اللغة التركية لغة للتعليم وكانت تدرس العربية كلغة أجنبية هامشية. ومن هنا يمكن أن نفهم السر في كون كثير من حملة مشعل الثقافة العربية في القرن الثامن عشر والتاسع عشر من غير المسلمين العرب. وقد ساعد ذلك من ناحية أخرى على تأجج الشعور القومي لدى المسيحيين العرب وأخذوا يبحثون عن الرباط الذي يربطهم بهذا الوطن الذي نبتوا على أرضه وبين أحضانه ترعرعوا ولكنهم يعاملون فيه من قبل تركيا معاملة الغرباء. وقد جاءتهم الإجابة من أوربا التي كانت تعيش في ذلك الوقت فترة تعرف في تاريخ أوربا بتكوين القوميات، وكان لهذه السياسة آثار تربوية بعيدة المدى على العالم العربي الإسلامي وهو ما سنعرض له عند الكلام عن السياسة التربوية للدولة العثمانية.
العامل الثاني: يتمثل في حرب القوميات التي كانت تخوضها أوربا في القرن التاسع عشر وهو القرن الذي يلقب بقرن القوميات. فقد عمت أوربا موجة من الشعور القومي الذي يستند على أساس فكرة هيجل التي تقول بأن الدولة الحقة هي التي تتكون من قومية واحدة. نظرا لأن الدولة الأوربية لم تكن قائمة على هذا الأساس، وإنما على قوميات مجزأة بين دول مختلفة فقد بدأت نيران الحرب تضطرم بين هذه الدول من أجل تحقيق الفكرة القومية لها. وهكذا شهدت أوربا صراعا مريرا في سبيل تشكيل قومياتها وتحقيق الوحدة القومية لها. وفي هذا الوقت الذي كان يحتدم فيه الصراع كان المسيحيون يبحثون عن سند حقيقي يستندون فيه لتبرير وجودهم الغربي. وهكذا كانت فكرة القومية العربية فكرة خلابة بالنسبة لهم جذبتهم ببريقها وتحمسوا لها. وقد جاءتهم نتيجة اتصالهم
اسم الکتاب : التربية الإسلامية أصولها وتطورها في البلاد العربية المؤلف : مرسي، محمد منير الجزء : 1 صفحة : 421