اسم الکتاب : التربية الإسلامية أصولها وتطورها في البلاد العربية المؤلف : مرسي، محمد منير الجزء : 1 صفحة : 358
أو مدهون الكلام خداعا. فليس كل ما يلمع ذهبا. وعلى حد قول الشاعر
إذا رأيت نيوب الليث بارزة ... فلا تظنن أن الليث يبتسم
وقول آخر:
لا تحسبوا أن رقصي بينكم طرب ... فالطير يرقص مذبوحا من الألم
ويذكر الماوردي أربع خصال هل أصل الاتفاق في اصطفاء الإخوان هي: العقل الموفور والدين ومحمود الأخلاق والميل والرغبة في المؤاخاة. أما بالنسبة للعقل الموفور فلأن العقل يهدي إلى الرشد. والحمق لا تثبت معه مودة. وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "البذاء -أي الفحش في القول- لؤم وصحبة الأحمق شؤم". وأما بالنسبة للدين فلأنه يدفع صاحبه إلى الخير. وقال بعض الحكماء: "اصطف من الإخوان ذا الدين والحسب والرأي والأدب. فإنه رد لك عند حاجتك ويد عند نائبتك وأنس عند وحشتك وزين عند عافيتك". أما بالنسبة لمحمود الأخلاق فلأن فعاله مرضية ويؤثر الخير ويأمر به ويكره الشر وينهي عنه. مودة الشرير تكسب العداء وتفسد الأخلاق. ولا خير في مودة تجلب عداوة وتورث مذمة وملامة. وأما بالنسبة لميل الصاحب إلى صاحبه والرغبة في مؤاخاته فلأن ذلك أوكد لحال المؤاخاة وأمد لأسباب المصافاة. فليس كل مرغوب إليه راغب وليس كل مطلوب إليه طالب. ومن طلب مودة ممتنع عليه كان معنى خائبا.
ويقول الماوردي إنه إذا اكتملت هذه الخصال الأربع في إنسان وجب إخاؤه وتعين اصطفاؤه. لكن الماوردي يضع شرطا احترازيا هو أن يكون الميل إلى اصطفاء الصديق والثقة فيه بمقدار توفر هذه الخصال فيه. وغلبة إحداها عليه. لأن الإخوان على طبقات مختلفة ولكل واحد منهم حال يختص بها، والتباين في الناس غالب. وبينهم اختلاف في الشيم والصفات وليس هناك من كملت صفاته. وقال بعض الحكماء الرجال كالشجر شرابه واحد وثمره مختلف. وقال الشاعر في هذا المعنى:
بنو آدم كالنبت ... ونبت الأرض ألوان
فمنهم شجر الصندل ... والكافور والبان
ومنهم شجر أفضل ... ما يحمل قطران
اسم الکتاب : التربية الإسلامية أصولها وتطورها في البلاد العربية المؤلف : مرسي، محمد منير الجزء : 1 صفحة : 358