اسم الکتاب : التربية الإسلامية أصولها وتطورها في البلاد العربية المؤلف : مرسي، محمد منير الجزء : 1 صفحة : 214
تربية بالقدوة:
للقدوة دور هام في التربية ولا سيما في مرحلة الطفولة، فالطفل يقتدي بمن يراهم ويقلدهم في أعمالهم وسلوكهم, ولذلك عنيت التريبة الإسلامية بالقدوة الحسنة. وقد قال عمرو بن عتبة لمؤدب ولده:
"ليكن أول إصلاحك لولدي إصلاحك لنفسك فإن عيونهم معقودة بك فالحسن عندهم ما فعلت، والسيئ عندهم ما تركت. علمهم كتاب الله وروهم من الحديث أشرفه ومن الشعر أعفه ولا تنقلهم من علم إلى علم حتى يحكموه فإن ازدحام الكلام في القلب مشغلة للفهم وعلمهم سنن الحكماء وجنبهم محادثة النساء".
وينصح ابن المقفع من نصب نفسه للناس إماما في الدين أن يبدأ بتعليم نفسه وتقويمها في السيرة والرأي واللفظ، فيكون تعليمه للناس بسيرته أبلغ من تعليمه بلسانه قال تعالى: {أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ} .
وفي هذا المعنى قال الشاعر:
يا أيها الرجل المعلم غيره ... هلا لنفسه كان ذا التعليم
تصف الدواء لذي السقام وذي الضنى ... كيما يصح به وأنت سقيم
ونراك تصلح بالرشاد عقولنا ... أبدا وأنت من الرشاد عديم
لا تنه عن خلق وتأتيَ مثله ... عار عليك إذا فعلت عظيم
ابدأ بنفسك فانهها عن غيها ... فإذا انتهت عنه فأنت حكيم
ويؤكد المربون المسلمون على أهمية القدوة بالعلم والعمل وضرورة توافرهما في العالم والمعلم حتى يهتدي بها المتعلم. ولذلك اعتبروا أخذ العلم مباشرة من العلماء لا من بطون الكتب. فالإمام الشافعي ومن بعده ابن جماعة وغيرهما يرفضون التعلم من بطون الكتب أو تمشيخ الصحيفة. وفي ذلك يقول الشافعي: "من تفقه من بطون الكتب ضيع الأحكام. وكان بعضهم يقول: من أعظم البلية تمشيخ الصحيفة. أي الذين تعلموا من الصحف".
اسم الکتاب : التربية الإسلامية أصولها وتطورها في البلاد العربية المؤلف : مرسي، محمد منير الجزء : 1 صفحة : 214