اسم الکتاب : التربية الإسلامية أصولها وتطورها في البلاد العربية المؤلف : مرسي، محمد منير الجزء : 1 صفحة : 213
نوع علم بنفسه. بل يفوض أمره إلى الأستاذ. فإن الأستاذ قد حصلت له من التجارب في ذلك فكان أعرف بما ينبغي لكل أحد، وما يليق بطبيعته". ويورد قول الإمام الأجل الأستاذ برهان الدين: "كان طلبة العلم في الزمان الأول يفوضون أمروهم في التعليم إلى أستاذهم فكانوا يصلون إلى مقاصدهم ومرادهم. والآن يختارون بأنفسهم فلا يحصل مقصودهم من العلم والفقه". ويحكى عن الإمام البخاري أنه كان يتعلم شيئا آخر على يد محمد بن الحسن فنصحه رحمه الله بأن يذهب ويتعلم الحديث لما رأى أن ذلك العلم أليق بطبعه. فطلب علم الحديث. فصار فيه مقدما على جميع أئمة الحديث.
ويشير الدكتور أحمد شلبي في كتابه عن التربية الإسلامية "ص299" إلى ما ورد في مناهج المتعلم من حديث طريف عن اختبارات الذكاء يقرر أنه يجب على المعلم أن يشخص طبيعة المتعلم المبتدئ من حيث الذكاوة والغباوة. ويعلمه على مقدار وسعه. كما يشير إلى أن المربين المسلمين كانوا يعتمدون على التجربة. فهم يعلمون الطفل ثم يحكمون عليه بمقدار النتيجة التي يستطيع أن يحصل عليها. كما كانوا يختبرون ذاكرة التلميد ليروا ما إذا كان يميل إلى الحفظ أو التعمق في التفكير فإذا كانت الأولى فليدرس علم الحديث مثلا وإن كانت الثانية فليدرس الفلسفة والمناظرة وعلوم الجدل والكلام. ويقول ابن جماعة في كتابه: "تذكرة السامع والمتعلم في آدب العالم والمتعلم" إذا علم المعلم أن تلميذا لا يفلح في فن أشار عليه بتركه والانتقال إلى غيره مما يرجى فيه فلاحه. وقد روي أن يونس بن جبيب كان يختلف إلى الخليل بن أحمد يتعلم منه العروض فصعب عليه تعلمه. فقال له الخليل يوما: من أي بحر قول الشاعر:
إذا لم تستطع شيئا فدعه ... وجاوزه إلى ما تستطيع
ففطن يونس لما عناه الخليل فترك العروض وأخذ يتعلم النحو وقواعد اللغة حتى أصبح في ذلك إماما وعالما شهيرا. وقد سبق أن أشرنا إلى أن الإمام البخاري كان يتعلم الفقه على يد محمد بن الحسن فوجهه لدراسة الحديث لما رأى أنه أكثر مناسبة له. وقد بز البخاري علماء عصره في ذلك وأصبح أحد كبار مشاهير رجال الحديث.
اسم الکتاب : التربية الإسلامية أصولها وتطورها في البلاد العربية المؤلف : مرسي، محمد منير الجزء : 1 صفحة : 213