اسم الکتاب : التربية الإسلامية أصولها وتطورها في البلاد العربية المؤلف : مرسي، محمد منير الجزء : 1 صفحة : 118
دورة الحياة:
إن النظرة الدينية في الإسلام والرسالات السماوية الأخرى ترى أن الحياة البشرية بدأت بخروج آدم من الجنة ونزوله إلى الأرض أو الحياة الدنيا لتعميرها بما حباه الله من عقل وجسم وقدرات مختلفة هو وذريته من بعده حتى تنتهي هذه الحياة لتبدأ دروة حياة أخرى هي حياة الآخرة. فهذه الدورة البشرية من الحياة دورة تاريخية لكنها لا تتكرر. وقد يختلف المفكرون ورجال الدين وغيرهم تفاؤلا وتشاؤما فيما يتعلق بالحياة الآخرة التي وصفت بأن فيها ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر. وقد وصفها الله عز وجل في قرآنه الكريم بقوله: {وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ} . بيد أن هذه الأرض التي نطؤها بأقدامنا ليست كتلة من جسد أموات كما وصفها المعري والخيام في أشعارهما. بل إنها كائن حي
وتسابقها في ميدان واحد ترى فيها اختلافا نوعيا، وتباينا بعيدا في الأشكال والألوان والأعمال. فما السبب في هذا التباين والتفاوت؟ وإن سئل دارون عن الأشجار القائمة على غابات الهند والنباتات المتولدة فيها من أزمان بعيدة لا يحددها التاريخ إلا ظنا. وأصولها تضرب في بقعة واحدة، وفروعها تذهب في هواء واحد، وعروقها تسقى بماء واحد. فما السبب في اختلاف كل منها عن الأخر في بنيته وشكل أوراقه وطوله وقصره وضخامته وزهره وثمره وطعمه ورائحته وعمره. فأي فاعل خارجي أثر فيها حتى خالف بينها مع وحدة المكان والماء والهواء؟ أظن لا سبيل إلى الجواب سوى المعجز عنه "جمال الدين الأفغاني: 42-43".
ويشير الأفغاني إلى فكرة أخرى لدارون فيقول: ومن واهياته، أي داروين ما كان يرويه من أن جماعة كانوا يقطعون أذناب كلابهم، فلما واظبوا على عملهم هذا قرونا، صارت الكلاب تولد بلا أذناب، كأنه يقول حيث لم تعد للذنب حاجة كفت "أي توقفت" الطبيعة عن هبته "أي إعطائه". ويرد الأفغاني على ذلك بقوله: وهل صمت أذن هذا المسكين عن سماع خبر العبرانيين والعرب وما يجرونه من الختان ألوفا من السنين، ولا يولد مولود حتى يختن. وإلى الآن لم يولد واحد منهم مختونا إلا لإعجاز "المرجع السابق: 44-45".
اسم الکتاب : التربية الإسلامية أصولها وتطورها في البلاد العربية المؤلف : مرسي، محمد منير الجزء : 1 صفحة : 118