اسم الکتاب : أصول التربية الإسلامية وأساليبها في البيت والمدرسة والمجتمع المؤلف : النحلاوي، عبد الرحمن الجزء : 1 صفحة : 50
يقصد بها وجه الله، فإن هذه الوعي الفكري يجعل الإنسان المسلم إنسانا منطقيا واعيا في كل أمور حياته، إنسانا منهجيا، لا يقوم بعمل إلا ضمن خطة، ووعي وتفكير.
لا يخدع المسلم؛ لأنه في يقظة دائمة يراقب الله في كل أعماله، وهذا هو لب العبادة؛ ولأنه يعبد الله على ضوء خطة مرسومة، ويقيم حياته على ضوء هذه الخطة، إنها الشريعة الإسلامية.
2- كما أن العبادات تربي المسلم على الارتباط بالمسلمين، حيثما كان، ارتباطا واعيا منظما متينا مبنيا على عاطفة صادقة، وثقة بالنفس عظمية، فهو ارتباط واع؛ لأنه ليس طاعة عمياء للمجتمع، ولا هياجا جماهيريا عابرا، يخبط خبط عشواء! إن الأعمال التعبدية التي يأتيها المسلم مع المسلمين تكسبه لذة الشعور بقوة الجماعة، وعواطفها المشتركة، إلى جانب لذة المناجاة الفردية، والشعور بقوة الذات المسلمة التي تستمد قوتها من خالقها بالدرجة الأولى، فإذا انفرط عقد المسلمين أو منعوا من الاجتماع لسبب طارئ، لم يفقد أفرادهم مقوماتهم الذاتية، من جهة، ولكنهم مع ذلك يعودون إلى التجمع من جديد على أساس عقيدتهم من جهة ثانية، لعلمهم بأن عباداتهم منفردين لا تكون كاملة، ما داموا قادرين على التجمع، بل إن بعض العبادات قائمة على التجمع كالحج والزكاة، فمهما منعوا من إقامة المجتمع المسلم فلا بد لهم من العودة إليه، وتوحيد القلوب والنفوس المؤمنة، حتى تصبح كالجسد الواحد.
3- والعبادة في الإسلام تربي النفس المسلمة على العزة والكرامة، وإباء الضيم، والاعتزاز بالله؛ لأنه أكبر من كل كبير، وأعظم من كل عظيم، بيده رقاب الجبابرة يقصمهم متى شاء، وبيده الموت والحياة، والرزق، والملك والجاه والسلطان، هذه المعاني وأمثالها يرددها المسلم دائما في عباداته اليومية[1]، والسنوية ويرددها الخطباء في الاجتماعات التعبدية الأسبوعية، فإذا استيقظت وعاشت في نفوس المجتمع المسلم [1] حتى أنه يكبر الله في صلواته كل يوم زهاء مئة مرة، ويسمع تكبير الله على المآذن نحو ثلاثين مرة كل نهار وليلة، فيرددها مع المؤذن.
اسم الکتاب : أصول التربية الإسلامية وأساليبها في البيت والمدرسة والمجتمع المؤلف : النحلاوي، عبد الرحمن الجزء : 1 صفحة : 50