8- رباطة الجأش: وهذه الخصلة تولد مع الإنسان, ويكتسبها- أيضا- بالممارسة, والمران, والدربة, كما أنها تتقوى بموجبات الإيمان.
فيجمل بالواعظ أن يتصف بهذه الخصلة الحميدة؛ حتى يعتاد لقاء الجمهور, والحديث إليهم بطلاقة ويسر.
ولا يجمل بالإنيان أن يسترسل مع ضعف قلبه, وقلة صبره, وخوفه من تهكم الناس؛ فليس من شرط الشجاعة ألا يجد الإنسان في نفسه الخوف من الكلام أو الإقدام؛ فذلك شعور يجده كل أحد إذا هو هم بعمل جديد, أو كبير.
بل يكفي في شجاعة الرجل ألا يعظم الخوف في نفسه, حتى يمنعه من الإقدام, أو يرجع به إلى الانهزام.
ثم عليه بعد ذلك أن يوطن نفسه على الصبر, وأن يحذر من تضخيم النتائج؛ فهب أنك تكلمت مرة, فأخطأت, أو لم تجد؛ ماذا في الأمر؟
لاشيء فكل أحد عرضة للخطأ بل إن الخطأ هو طريق الصواب؛ فلا تعظم شأن الخطأ في قلبك, ولا تبال بلمز الناس وعقيبهم؛ فالسلامة منهم عزيزة المنال.
ثم إن الإخفاق ليس عارا إذا بذل الإنسان جهده, ولا يعد المرء مخفقا إلا إذا تخلى عن المحاولة, وتقبل الهزيمة كأنها دائمة.
وبالجملة فإن الخطابة, ومقابلة الجمهور في الوعظ ضرب من ضروب الشجاعة الأدبية, والشجاعة- عموما- هي مواجهة الأمر عند الحاجة في ثبات, وليست مرادفة لعدم الخوف- كما قد يظن-.
فهذا عمرو بن معدي كرب الزبيدي-وحسبك به شجاعة وإقداما-يصف نفسه, ويصور حاله في ساحات الوغى, وبين أن الخوف يداخله, ولكنه لا يحمله على الفرار, والإحجام؛ فلا ينقص ذلك من قدره؛ حيث يقول: